وكذلك غير المالك ؛ لحفظ أرواح المواشى ، والملك المعصوم على مالكه.
وعند هذا : فإما أن يقال : بأن ما أكله السبع يكون رزقا له ، أو ليس رزقا له.
فإن كان الأول : فهو خلاف ما أجمعت المعتزلة عليه ، من أن الممنوع عن الشيء شرعا لا يكون ذلك الشيء رزقا له.
وإن كان الثانى : فقد انتقض الحد ؛ حيث وجد ولا محدود.
والّذي صار إليه متأخروا المعتزلة ـ وهو اختيار صاحب المغنى (١) ـ أن الرزق هو كل ما للحى الانتفاع به ، ولا يجوز منعه منه.
وهو منتقض بالحشيش ، والكلأ فى الموات ؛ فإنه رزق للبهائم بإجماع منهم. ومع ذلك يجوز منعهم عنه بإحياء الموات. وينتقض أيضا بالملك المباح / الّذي (٢) لمالكه الانتفاع به ؛ فإنه رزق له بإجماع منهم مع أن للرب ـ تعالى ـ منعه من الانتفاع به.
إما بأن يفوته عليه ، أو بإخراج المالك بالمرض ، أو بسبب آخر عن التمكن من الانتفاع به ؛ وفيه وجود المحدود دون حده.
والّذي عليه معول أهل الحق من الأشاعرة (٣) : أن الرزق كل ما انتفع به حىّ ، وسواء كان بالتعدى ، أو بغيره. مباحا ، أو حراما ، مملوكا ، أو غير مملوك.
وربما ذهب بعض أصحابنا إلى أن الرزق هو ما تتربى به الحيوانات من الأغذية ، والأشربة لا غير.
__________________
(١) هو قاضى القضاة : عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذانى الأسدآبادي ، كان شيخ المعتزلة فى عصره ، وكانوا يلقبونه قاضى القضاة ، بدأ حياته فقيها على مذهب الإمام الشافعى ، ثم انصرف إلى الكلام بعد أن وجد قلة الإقبال عليه من طلاب الدنيا. وكان مؤرخا يلم بالفرق المختلفة وعلى الأخص الأشاعرة الذين قضى شبابه بينهم ، له تصانيف كثيرة من أهمها المغنى ، وقد توفى بالرى سنة ٤١٥ ه (انظر مقدمة الجزء الثانى عشر من المغنى ومقدمة شرح الأصول الخمسة وطبقات الشافعية ٣ : ٢١٩ والأعلام ٤ : ٤٧).
(٢) اللوحة رقم ٢٠٩ ليست موجودة فى (الميكروفيلم) الموجود بجامعة الدول العربية تحت رقم ١ توحيد ، ويبدو أن المصور قد نسى تصويرها ، لذا فقد اعتمدت على نسخة ب ، ج فقط.
(٣) من كتب الأشاعرة المتقدمين على الآمدي :
انظر الإبانة للأشعرى ص ٥٦ ، ٥٧ وأصول الدين للبغدادى ص ١٤٤ ، ١٤٥ والإرشاد لإمام الحرمين ص ٣٦٤ ـ ٣٦٦ ونهاية الأقدام للشهرستانى ص ٤١٥ ، ٤١٦.
ومن المتأخرين المتأثرين بالآمدي :
انظر شرح المواقف ٢ / ٣٨٩ ، ٣٩٠ وشرح المقاصد ٢ / ١١٩ ، ١٢٠.