فلو قيل لهم : لم لا اكتفى بالقدرة القديمة ، والمشيئة الأزلية فى حدوث المحدثات من غير توسط القول ، أو الإرادة كما اكتفى بها فى القول ، والإرادة ؛ لم يجدوا إلى الفرق سبيلا.
السادس (١) : ويخص القائلين بحدوث القول. وذلك أنهم وافقوا على أن القول مركب من حروف منتظمة ، والحروف متضادة. فإنا كما نعلم استحالة الجمع بين السواد والبياض ؛ نعلم استحالة الجمع بين الحروف ، وأنه يتعذر الجمع بين الكاف والنون من قوله (كن). وقد وافقوا على استحالة تعرى البارى ـ تعالى ـ عن الأقوال الحادثة فى ذاته ، بعد قيامها به.
وعند ذلك : فإما أن يقال باجتماع حروف القول فى ذاته ـ تعالى ـ أو لا يقال باجتماعها.
فإن قيل باجتماعها. فإما أن يقال بتجزؤ ذات الله ـ تعالى ـ وقيام كل حرف بجزء منه. وإما أن يقال بقيامها [بذاته] (٢) مع اتحاد الذات.
فإن كان الأول : فهو محال لوجهين :
الأول : أنه يلزم منه / التركيب فى ذات الله ـ تعالى ـ وقد أبطلناه (٣) فى إبطال القول بالتجسيم (٣).
الثانى : أنه ليس اختصاص بعض الأجزاء ببعض الحروف دون البعض ، أولى من العكس.
وإن كان الثانى : فيلزم منه اجتماع المتضادات فى شيء واحد ، وهو محال.
وإن لم يقل باجتماع حروف القول فى ذاته ؛ فيلزم منه مناقضة أصلهم فى أن ما اتصف به الرب ـ تعالى ـ يستحيل عروه عنه ، بعد اتصافه به. والحرف السابق الّذي عدم عند وجود [الحرف] (٤) اللاحق قد كان صفة للرب ـ تعالى ـ وقد زال بعد وجوده له.
__________________
(١) نقل ابن تيمية فى كتابه الوجه السادس للآمدى ٤ / ١٠٩ ، ١١٠ وعلق عليه وناقشه فى ص ١١٠ وما بعدها.
(٢) فى أ (بذاتها).
(٣) من أول (فى إبطال ...) ساقط من ب. انظر ل ١٤٣ / ب وما بعدها.
(٤) ساقط من أ.