وإن كان الثانى : فالكلام فى ذلك الضد ، كالكلام فى الأول ؛ ويلزم من ذلك تعاقب الحوادث على الرب ـ تعالى ـ على وجه لا يتصور خلوه عن واحد منها. والحوادث المتعاقبة لا بد وأن تكون متناهية ، على ما سبق فى إثبات واجب الوجود. وما لا يخلو عن الحوادث ، فهو حادث ضرورة (١).
الثالث (٢) : أن من مذهبهم / أن القول الحادث ، والإرادة الحادثة عرض كاللون والطعم ، والرائحة ، وأنه يجوز فى الشاهد تعرى الجواهر عن الأقوال ، والإرادات ، والطعوم ، والروائح والألوان ، مع جواز اتصافها به. وقد أحالوا قيام الألوان ، والطعوم ، والروائح بذات الله ـ تعالى ـ وجوزوا ذلك فى القول ، والإرادة.
ولو قيل لهم : لم لا قضيتم بجواز قيام الطعوم ، والألوان ، والروائح بذات الله ـ تعالى ـ من غير أن يلزم استحالة التعرى عنها كما فى القول الحادث ، والإرادة الحادثة ؛ لم يجدوا إلى الفرق سبيلا (٣).
الرابع (٤) : هو أن من مذهبهم أن الرب ـ تعالى ـ متحيز ، وأنه مقابل للعرش ، وأكبر منه ، وليس مماثلا لجوهر فرد من العرش.
وقد قالوا بأن العرض الواحد لا يقوم بجوهرين : كالصفة الحادثة فى ذات الله ـ تعالى ـ وهى القول ، أو الإرادة. كما هو مذهبهم ؛ فوجب قيامها مع اتحادها بجزءين ؛ فصاعدا ؛ وهو مناقض لمذهبهم.
الخامس (٥) : هو أن من مذهبهم أن مستند المحدثات إنما هو القول الحادث ، أو الإرادة الحادثة. ومستند القول ، والإرادة إنما هو القدرة القديمة ، والمشيئة الأزلية. ولا فرق بين الحادث ، والمحدث من جهة تجدده ، وهو إنما كان مفتقرا إلى المرجح من جهة تجدده وقد استويا فى التجدد.
__________________
(١) إلى هنا انتهى ما نقله ابن تيمية عن الآمدي فى كتابه ٤ / ٩٨ ، ٩٩.
(٢) من هنا نقل ابن تيمية عن الآمدي من أول قوله : الثالث أن من مذهبهم. إلى قوله : «لم يجدو إلى الفرق سبيلا» ٤ / ١٠٢ ، ١٠٣.
(٣) انتهى ما نقله ابن تيمية فى كتابه ٤ / ١٠٢ ، ١٠٣ ثم علق عليه وناقشه فى ص ١٠٣ ، ١٠٤.
(٤) من أول الرابع : هو أن من مذهبهم نقله ابن تيمية فى ٤ / ١٠٤ ، ١٠٥ إلى قوله : «وهو مناقض لمذهبهم» ثم علق عليه وناقشه فى ص ١٠٥ ، ١٠٦.
(٥) نقل ابن تيمية فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ١٠٦ ، ١٠٧).
الوجه الخامس وعلق عليه وناقشه فى ص ١٠٧ ـ ١٠٩.