السادس : هو أنه لو أقدر الله ـ تعالى ـ الكافر على الكفر حالة كفرة ، فلو لم تكن قدرته على الكفر قدرة على الإيمان ؛ لما كان لله ـ تعالى ـ على الكافر نعمة ؛ وهو خلاف المعقول والمنقول عن الأنبياء والرسل ، من تذكير (١) الكفار بنعم الله ـ تعالى ـ عليهم ، وإحسانه إليهم ، وطلب الشكر له منهم.
وبيان لزوم ذلك / هو أن القدرة على الكفر ، إذا لم تكن صالحة لغير الكفر ، فهى سبب للعذاب ؛ فتكون نقمة ؛ لا نعمة ، ووجوده ، ونيته ، واستعداده للذات ، واتصافه بصفات الكمالات شروط لهذا العذاب ، إذ لولاها لما كان معذبا (٢) ؛ فهى إذن (٢) نقم لا نعم ، وليست هذه الأمور نعما ؛ لما فيها من اللذات العاجلة ، وإلا لكان ارتكاب الفواحش نعما ، لما فيها من اللذات ، ولكان من قدم بين يدى إنسان طعاما لذيذا ، مسموما ، مهلكا ـ وهو عالم به ـ فأكله ذلك الإنسان ، أن يكون منعما عليه به ، وكل ذلك محال.
وهذا المحال : إنما لزم من كون القدرة على الكفر ؛ ليست قدرة على غيره ؛ فيكون محالا.
وأما الإلزام بالعلم (٣) ، والسهو : (٣) فإنما يلزم أن لو كان السهو ضدا ومعنى وهو غير مسلم بل هو سلب العلم فيما من شأنه أن يكون له (٤) العلم (٤) ؛ على ما ذهب إليه ابن (٥) عياش من المعتزلة.
سلمنا كون السهو معنى ، ولكن لا نسلم أنه مضاد للعلم لذاته ؛ بل هو مضاد لشرطه ، ونسبة السهو إلى العلم : كنسبة الموت إلى العلم فى كونه مضادا لشرطه ؛ وهو الحياة وليس من شرط القدرة إذا تعلقت بشيء أن (٦) تكون (٦) متعلقة بضد شرطه على ما ذهب إليه أبو هاشم.
__________________
(١) فى ب (انذار).
(٢) فى ب (معلوما فإذن).
(٣) فى ب (بالسهو فإنه).
(٤) فى ب (عالما).
(٥) ابن عياش : أبو إسحاق إبراهيم بن عياش ، من أئمة المعتزلة البصريين ، كان شيخا للقاضى عبد الجبار ، ومن رجال الطبقة العاشرة.
(٦) فى ب (لا تكون).