وأما الشبهة الخامسة :
فمبنية على فرض خلق القدرة قبل وجود المقدور ؛ وهو محل النزاع ؛ فلا يصح.
وأما الشبهة السادسة : فجوابها من وجهين :
الأول : أن من أصحابنا من قال : إنه لا نعمة لله ـ تعالى ـ على الكفار ، وإطلاق اسم النعم (١) عليهم ؛ فلا يمتنع أن يكون تجوزا ، إما (٢) باعتبار اعتقاد الكفار لذلك ، أو باعتبار مشابهة مسمى النعم فى حقهم ، للنعم الحقيقية.
الثانى : وإن سلمنا وجود النعم من الله ـ تعالى ـ على الكفار ؛ فلا يتقيد ذلك بالإقدار على الإيمان تعين القدرة على الكفر ؛ بل جاز أن يقول : ما أوجده لهم من اللّذات وأنواع الكمالات ؛ فهى نعم فى حقهم ؛ إذ هى غير ناشئة من الكفر ، ولا العذاب بسببها ، ولا هى شرط فى العذاب كما قيل.
وعلى هذا : فلا يبعد / القول بأن الملذات الحاصلة من الفواحش ، واللذة الحاصلة من أكل الطعام المسموم ، نعمة من الله ـ تعالى ـ ؛ إذ الفاحشة والأكل غير مولد لها. وإن قارنها نقمة غير أنه لما كان الاضطرار الملازم لهذه النعمة أعظم منها ، وكانت النعمة المقارنة له مستحقرة بالنسبة إلى الاضطرار الملازم لها ؛ فربما جرى العرف بإطلاق النقمة ، والاضراب عن (٣) مسمى النعمة ، ولا اعتبار بالإطلاق بعد فهم المعنى.
قولهم : السهو ليس ضدا للعلم ؛ بل هو عدم العلم فيما من شأنه أن يكون عالما ، عنه جوابان :
الأول : أنه يلزم من ذلك أن يكون الشاك ساهيا ؛ لعدم علمه فيه مع كونه بحال يقوم به العلم.
الثانى : هو أن العلم باق على أصول (٤) المعتزلة ـ وابن عياش ؛ وإن خالف فى ذلك ؛ فمحجوج بما يجده كل عاقل من نفسه من دوام علمه ببعض الأشياء ، والباقى
__________________
(١) فى ب (النعمة).
(٢) فى ب (لها).
(٣) فى ب (على).
(٤) فى ب (أصل).