وبيانه : أنه إذا كان المؤثر فى الضدين بتقدير وقوع كل واحد منهما ؛ إنما هو قدرة واحدة. فعند فرض وجود القدرة المؤثرة إذا فرض انتفاء جميع الموانع المانعة للضدين ؛ ففرض وقوع أحد الضدين عينا مع استوائهما فى وجود المؤثر فيهما ، وانتفاء الموانع ؛ يكون ممتنعا. وهذا المحال : إنما يلزم من فرض تعلق القدرة بالضدين بالتفسير المذكور ؛ فكان ممتنعا.
فلئن قالوا : تخصيص ما تخصص منهما مع الفرض المذكور مستند إلى الإرادة ؛ إذ الإرادة هى التى من شأنها أن تخصص أحد الجائزين دون الآخر ، فيلزمهم صور تحقق فيها أحد المقدورين دون الآخر من غير إرادة. وذلك كما فى صورة النائم ؛ فإنه وإن صدر عنه بعض المقدورات بالقدرة ؛ فمن (١) غير إرادة.
وأما من زعم أن تعلق القدرة بالمقدور من غير تأثير : كما هو مذهبنا ؛ فدفع هذا السؤال على أصله عسير جدا.
ولو قيل : ما المانع من إيجاد الله ـ تعالى ـ لكل واحد من المقدورين على جهة البدل مقترنا بقدرة واحدة؟ لم يجدوا إلى دفعه سبيلا. هذا ما عندى فيه ، ولعل غيرى قادر على دفعه.
قولهم : ما المانع من تعلق القدرة الواحدة الحادثة بالمتماثلات (٢)؟
قلنا : سنبين أن المتماثلات أضداد : وعند ذلك ؛ فالحكم فيها كما سبق فى الأضداد المختلفة.
ثم وإن سلمنا أنها غير متضادة ؛ غير أن الإجماع منا ومن المعتزلة ، واقع على امتناع وقوع المتماثلات معا ، فى شيء واحد ، بقدرة واحدة.
وإذا كان الجمع بينهما متعذرا ؛ فيمتنع تعلق القدرة الواحدة الحادثة بهما معا ؛ بل ما اقترن بها ؛ فهو المقدور. وما لم يقترن بها ؛ فليس بمقدور.
قولهم : ما المانع من تعلق القدرة الواحدة بالمختلفات : التى لا تضاد فيها؟
__________________
(١) فى ب (من).
(٢) فى ب (بالمتماثلين).