وهو أن امتناع تعليل معلول بعلتين : إنما كان لكون العلة موجبة للمعلول ، واجتماع موجبين محال ؛ كما تقدم. بخلاف (١) المقدور بين القادرين : المخترع ، والمكتسب (١) : فإنهما غير موجبين ؛ بل الموجب المخترع دون المكتسب.
قولهم : فعل (٢) القادر (٢) فعله لنفسه. فلو كان فعله لغيره ؛ لكان كونه لغيره.
قلنا : كون المقدور فعلا للمكتسب : أنه مقارن لقدرته فى محل قدرته ، ومعنى كونه لغيره : أنه مؤثر فيه. ومع اختلاف هذين الاعتبارين ؛ فلا منافاة. ودعوى امتناع ذلك ؛ عين محل النزاع.
وما ذكروه أخيرا ؛ فحاصله يرجع إلى التمثيل من غير دليل.
كيف : وأنه وإن تعذر لون واحد لمتلونين ، وحركة المتحركين ؛ فلا يمتنع معلوم واحد بعلمين ، ومدرك واحد بإدراكين ؛ وليس إلحاق المقدور بأحد القسمين ، أولى من إلحاقه بالآخر.
وأما أن الله ـ تعالى ـ قادر على مثل فعل العبد ؛ فهذا مما اتفق عليه أصحابنا ، والمعتزلة : ودليله ما حققناه من وجوب تعلق قدرة الرب ـ تعالى ـ بكل ممكن ؛ ولم يخالف فى ذلك غير البلخى من المعتزلة ؛ فإنه قال : الرب ـ تعالى ـ لا يقدر على مثل فعل العبد ، اعتمادا منه على أن فعل العبد لا يخرج عن كونه طاعة ، أو معصية ، ومقدور الرب ـ تعالى ـ وفعله ليس كذلك ؛ فلا يكون فعل الرب ـ تعالى ـ مماثلا لفعل العبد ؛ وجوابه ما سبق.
__________________
(١) فى ب (قادرين مخترع ومكتسب).
(٢) فى ب (الفاعل).