وأما بيان انتفاء اللازم : هو أن التمكن من فعل الشيء يستدعى عندنا أن يكون متمكنا من فعله ، وتركه ، والسكون غير متمكن من تركه ، بل هو مضطر إليه على ما لا يخفى.
المسلك الثانى :
أنه قال : من تردى من شاهق كان فى هويه ممنوعا من الحركة إلى جميع الجهات غير جهة هويه ؛ ويلزم من ذلك أن يكون ممنوعا من الحركة فى (١) جهة هويه ؛ لأنه لو لم يكن ممنوعا من الحركة فى جهة هويه ؛ لكان متمكنا من السكون فى الهوى ؛ لما تقرر : أن الفاعل لا بد وأن يكون متمكنا من ذلك الفعل ، وضده ، وإلا (٢) كان مضطرا لا فاعلا. وهو غير متمكن من السكون ؛ بل ممنوعا منه. ومنعه من السكون : يدل على كونه ممنوعا من الحركة في جهة الهوى.
المسلك الثالث :
هو أن المحاط : لو كان غير ممنوع من السكون ، وقادرا عليه ؛ لما كان أمره بالسكون قبيحا ؛ لكن أمره بالسكون قبيح ؛ فلا يكون متمكنا منه.
وصار أبو / هاشم فى آخر أقواله : إلى مخالفة أبيه فى ذلك. واستدل عليه بأن قال : لو كان البناء المحيط بالشخص مانعا له من السكون ؛ لكان منافيا له ؛ إذ الممانعة مع عدم المنافاة محال. ولا منافاة بين الأجسام فى باقى الجهات ، وبين السكون فى الجهة المحاطة ؛ فلا يكون مانعا.
هذا وأما نحن : فعلى أصلنا وقولنا بانتفاء المنع كما تقدم ؛ فالسكون غير ممنوع فى حق المحاط به ، ولكن لا بد من التنبيه على وجه الضعف فيما ذكر.
أما المسلك الأول للجبائى : فغير صحيح ؛ فإن التمكن من الفعل عندنا : يرجع حاصله على خلق القدرة ، وعدم التمكن : إلى عدم خلق القدرة عليه. فقوله على هذا : لو لم يكن ممنوعا منه مع قدرته عليه ؛ لكان متمكنا منه : إما أن يريد به : أنه يكون
__________________
(١) فى ب (إلى).
(٢) فى ب (وانما).