قلنا : العالم : عبارة عمن قام به العلم ، وعلم الله ـ تعالى ـ قديم قائم بذاته أزلا ؛ فهو عالم أزلا ، والمتجدد بحدوث العالم : تعلق عالميته به لا نفس العالمية ، على ما حققناه من امتناع إيجاب الفعل للفاعل حكما وحالة زائدة. فبتقدير أن يكون البارى ـ تعالى ـ خالقا للظلم ، والشر ، والفساد ؛ فيمتنع أن يعود إليه من ذلك حكم ، أو وصف بكونه ظالما ، أو شريرا ، أو مفسدا.
وأما المعتزلة : فربما استدلوا على ذلك : بأنه لو أوجب الفعل لفاعله حالا ، وكل (١) ما يشترط فيه الحياة ؛ فالحال الواجبة به تكون عائدة إلى الجملة : كالعلم والقدرة ، ونحوه ، ويلزم من ذلك أن يكون الفاعل للظلم في شيء ، والعدل فى شيء معا موصوفا بكونه عادلا ، وجائرا معا ، وأن يكون الموجب للحركة فى شيء. والسكون فى شيء معا ، متحركا ساكنا معا ؛ وهو محال.
وهو ضعيف ؛ فإنا لا نسلم خروج الحال عن محل العلة.
وإن سلمنا ما ذكروه : غير أنا لا نسلم امتناع اتصاف الجملة بكونها عادلة جائرة بالنسبة إلى قيام العدل بجزء (والجور (٢)) بجزء آخر من الجملة.
وأما التسمية :
فقد اتفق أصحابنا : على أنه كما لا يعود إلى الفاعل من فعله حال ، فكذلك لا يعود إليه بسببه اسم ، وأنه كما لا يوصف الفاعل للظلم والجور ، بكونه ظالما جائرا ؛ فكذلك لا يسمى ظالما (٣) ، ولا جائرا (٣) ؛ خلافا المعتزلة ؛ فإنهم أوجبوا تسميته ظالما ، جائرا ، وإن منعوا من وصفه بكونه ظالما جائرا.
وبالجملة : فحاصل النزاع فى التسمية راجع إلى اللغة التى لا ثبت لها بغير النقل عن أهل الوضع ، وقد بحثنا فلم نجد نقلا تقوم (٤) الحجة به (٤) عن العرب يدل على أن
__________________
(١) فى ب (فكل).
(٢) فى أ (والعدل).
(٣) فى ب (جائرا ولا ظالما).
(٤) فى ب (تقوم به الحجة).