قلنا : المحكوم عليه بكونه خيرا : إنما هو الصيغة الدالة وضعا على المخبر عنه مع القصد والإرادة لذلك ، والصيغة ودلالتها وضعا على المخبر عنه ليس من فعله.
وإن كان قصد الإنباء بها على ما دلت عليه وضعا من فعله ؛ فلا يكون الخبر من فعله.
ثم ليس القول بكونه من فعله ؛ لكونه لا تحقق للخبر دون إرادة الإنباء أولى من كونه من فعل الله ـ تعالى ـ مع أنه لا تحقق للخبر دون الصيغة ؛ وهى من فعل الله ـ تعالى ـ.
كيف : وأنهم قد ناقضوا فيما لو خلق الله ـ تعالى ـ أمثال (١) أفعال العباد ضرورة (١) ، وأرادها العبد عبادة ؛ فإنهم قالوا لا يكون بها عابدا.
الثالث : هو أن المصلى ، والصائم ، والعابد ، والخاشع ، مأخوذ من فعل الصلاة ، والصوم ، والعبادة ، والخشوع.
ثم اتفقوا : على أنه لا يسمى بهذه الأسماء : إلا من قامت به هذه الأفعال ؛ وهو خلاف أصلهم فى الأسماء المأخوذة من الأفعال حيث لم يفرقوا فيها بين من قام به الفعل ، وبين من لم يقم به.
ثم إذا جاز أن يشترط فى تسمية من فعل الصلاة ، والعبادة ، والخشوع ، مصليا ، وعابدا ، وخاشعا ؛ قيام فعل الصلاة ، والعبادة ، والخشوع به ؛ فما المانع من اشتراط تسمية من فعل الظلم ظالما. قيام فعل الظلم به؟.
الرابع : هو أن العلل فى الشاهد عندهم موجبة لأحكامها عقلا : ومع ذلك ما التزموا طردها فى الغائب حتى إنهم قالوا : العالم فى الشاهد معلل بالعلم ، والقادر معلل بالقدرة / ونحوه ، بخلاف الغائب حتى أنهم قالوا : البارى ـ تعالى ـ عالم بلا علم ، وقادر بلا قدرة ، والأفعال فى الشاهد غير موجبة للأسماء المأخوذة منها عقلا ؛ بل مأخوذة من الوضع ، والاصطلاح.
فكيف قيل بطردها غائبا ؛ ولقد كان الأولى العكس.
__________________
(١) فى ب (هذه العبارة فى العبد ضرورة).