ولهذا فإن كثيرا من الأسماء اللغوية مغيرة فى الشرع ، ومحمولة على غير محاملها فى اللغة : كلفظ الصلاة ، والصوم ، والزكاة ، والإيمان ، ونحوه (١).
وإن سلمنا لزوم ذلك مطلقا ؛ لكن غايته لزوم تسمية من فعل الظلم ظالما ، بناء على أمر ظنى ، لا على أمر قطعى ؛ وهو غير سائغ فى اللغات.
ثم يلزمهم على مقتضى أصلهم فى تسمية من فعل الظلم ظالما ؛ ما يوجب مناقضتهم فيه ، وبيانه من أربعة أوجه.
الأول : هو أن يسمى النبي عاصيا ، مفسدا ، شريرا ؛ عند فرض صدور الصغائر من المعاصى منه ؛ إذ هو غير ممتنع على أصلهم : وإطلاق ذلك على الأنبياء ممتنع بالإجماع ؛ لما فيه من حطهم فى أعين المبعوثين إليهم ، وإهانتهم فيها بينهم ؛ وذلك مما يفضى إلى اطراح (٢) قولهم عندهم (٢) ؛ وهو خلاف المقصود من البعثة ، وإذا امتنع ذلك على المحدث ، فلأن يمنع على خالق المحدث / أولى.
الثانى : أنه لو خلق الله ـ تعالى ـ صيغة الإخبار فى شخص قائلة أنا كاذب. وأراد من قامت به الإنباء بها عما دلت عليه لغة ؛ فهى خير لا محالة ؛ إذ هى مشعرة بما دلت عليه حسب إشعارها ، أن لو كانت مخلوقة لذلك الشخص.
وإذا كانت خيرا : فالمخبر بها إما الله ـ تعالى ـ ، أو العبد.
لا جائز أن يقال بالأول : وإلا كان الله ـ تعالى ـ مخبرا بخبر هو : أنا كاذب ، والله ـ تعالى ـ يتقدس عن ذلك.
وإن كان الثانى : فقد ثبت كون العبد مخبرا بخبر ليس هو من فعله. وإذا جاز ذلك فى المخبر ؛ جاز مثله فى الظلم ؛ وإلا كان الفرق تحكما.
فإن قيل : صيغة الخبر وإن لم تكن من فعل العبد ؛ فهى لا تصير خيرا دون إرادة العبد الإنباء بها عما فى نفسه وإرادته من فعله ؛ فالخبر يكون متعلقا بفعله ؛ فيكون مخبرا به.
__________________
(١) فى ب (ونحوها).
(٢) فى ب (أقوالهم).