قولهم : العرب لا تعرف كسبا (١).
قلنا : هذا مردود بقول العرب : اكتسب فلان / شرا ، واكتسب فلان خيرا ، ومثوبة.
ثم وإن سلمنا الحصر فيما ذكروه : ولكن ما المانع من تسميته ظالما ؛ لقيام الظلم به.
قولهم : يلزم أن ما قام به الظلم من أجزاء الإنسان : أن يسمى ظالما مسلم ؛ (لكن (٢)) لم قلتم بإحالته ؛ وهو مذهبنا؟
ولهذا يقال : فلان أسود البشرة. وكذل يقال : فلان أخرس اللسان. إذا قام السواد بالبشرة ، والخرس باللسان.
ويدل عليه تسمية القلب فى كلام الله ـ تعالى ـ متكبرا عند قيام الكبرياء به بقوله : (قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (٣).
قولهم : ليس كل ما قام به الظّلم يسمى ظالما. ممنوع.
قولهم : المظلوم قد قام به الظلم : ولا يسمى ظالما ، وكذلك السيف.
قلنا : لا نسلم قيام الظلم بغير الفاعل ؛ فإنّ الظلم عندنا هو الفعل المحرم على ما أسلفناه ؛ وذلك لا يتعدى محل قدرة الفاعل.
سلمنا صحة تسميته ظالما فى اللغة ، لكونه فاعلا للظلم ؛ ولكن لا نسلم وجوب اطراد هذا الاشتقاق حتى يقال بتسمية الرب ـ تعالى ـ ظالما ؛ لكونه فاعلا للظلم ؛ ولهذا فإن اسم القارورة : فى اللغة مشتق من قرار المائعات فيها ، وهو مخصص بالزجاجة ، المخصوصة ، غير مطرد فى الجرة ، والكوز ، وغير ذلك. وكذلك اسم الدابة : مشتق من الدبيب. وهو غير مطرد فى الإنسان. عرفا إلى غير ذلك من الأسماء.
سلمنا لزوم الاطراد فى الألفاظ المشتقة : ولكن فى عرف اللغة ، أو الشرع.
الأول ؛ مسلم ، والثانى ؛ ممنوع.
__________________
(١) فى ب (الكسب).
(٢) ساقط من أ.
(٣) جزء من الآية رقم ٣٥ من سورة غافر.