مقدورا لله ـ تعالى ـ عن كونه مقدورا ؛ فإنه لو خرج عن كونه مقدورا للرب ـ تعالى ـ بسبب تعلق القدرة الحادثة به ، لم يكن أولى من امتناع تعلق القدرة الحادثة به ، واستيفاء تعلق القدرة القديمة ؛ بل بقاء ما كان على ما كان أولى من نفيه ، وإثبات ما لم يكن ، وإذا ثبت كونه مقدورا للرب ؛ وجب أن يكون الرب ـ تعالى ـ خالقه ، ومبدعه ، من حيث أنه يستحيل انفراد العبد بخلق ما هو مقدور لله ـ تعالى.
وهو ضعيف (أيضا) (١) إذ لقائل أن يقول :
وإن سلمنا الملازمة : فلا نسلم انتفاء اللازم.
والقول : بأنه لو امتنع كون أفعال العباد (٢) مخلوقة للرب ـ تعالى ـ لم يكن (إلا (٣) لامتناع (٣)) مقدور واحد بين قادرين ؛ لا نسلم الحصر. وما المانع من امتناع / كونها مخلوقة له ؛ لامتناع قبول قدرته لإيجاد الأفعال لذاتها وإن كان لمانع (٤) من خارج ؛ فما المانع أن يكون غير ما ذكرتموه؟ ولا طريق إلى نفيه بغير البحث ، والسبر ؛ وهو غير يقينى كما تقدم (٥).
ثم وإن سلمنا حصر المانع فيما ذكروه : ولكن لا نسلم انتفاء قولهم قبل إقدار العبد على الفعل : يجب أن يكون مقدورا للرب ـ تعالى ـ لا نسلم ذلك.
قولهم : لأن الفعل قبل إقدار العبد ممكن فى نفسه : والمانع من كون الرب قادرا عليه بعد إقدار العبد : إنما هو استحالة كون المقدور الواحد بين قادرين ؛ لا نسلم أيضا حصر المانع من كونه قادرا على فعل العبد فيما ذكرتموه. ولا سبيل إلى إثباته إلا بالبحث ؛ وهو غير يقينى.
ثم وإن سلمنا كونه مقدورا للرب قبل إقدار العبد : ولكن ما المانع أن يكون مقدورا له ، مشروطا بعدم إقدار العبد عليه. وعند إقدار العبد لا يكون مقدورا للرب ؛ لفوات شرطه.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) فى ب (العبد).
(٣) فى أ (الامتناع).
(٤) فى ب (المانع).
(٥) انظر ل ٣٩ / ب.