وإن كان حادثا : كان الرب ـ تعالى ـ محلا للحوادث ؛ وهو ممتنع كما سلف (١).
ولقائل أن يقول :
من الجائز أن تكون الأحياز (٢) ، والجهات (٢) مختلفة ؛ فإن التماثل غير معلوم بالضرورة ، ولا قام عليه دليل نظرى.
وعند ذلك : فلا نسلم أن نسبتها إلى ذات البارى (٣) ـ تعالى ـ على السوية. وعند ذلك فمن الجائز أن يكون اختصاص ذاته ببعض الجهات لذاته. أو (أن) (٤) بعض الأحياز اقتضى لذاته. أن يكون مختصا بالبارى تعالى. دون غيره من غير كون موجب للاختصاص (٥). ثم (٥) وإن سلمنا تساوى الأحياز بالنسبة إلى ذات البارى ـ تعالى ـ ؛ ولكن لا نسلم أنه لا بد من كون مخصص له بالحيز.
ولهذا فإنه يصح اتصاف الحى بالعلم والجهل ، على البدل ؛ لكون الحياة مصححة لكل واحد منهما. وما لزم من اتصاف الرب ـ تعالى ـ بالعلم الأزلى بدلا عن الجهل مع وجود المصحح له ، أن يكون مخصصا بكون ؛ فكذلك فى اختصاصه بالحيز (٦) ، والجهة (٦).
فإن قيل : إنما اختص بالعلم ، وبغيره من الصفات الأزلية من غير مخصص (٧) من حيث كانت صفات مدح وكمال ؛ بخلاف الاختصاص ببعض الأحياز ، دون البعض.
وأيضا : فقد ثبت أن البارى ـ تعالى ـ هو المخصص لسائر الموجودات ، وذلك يستدعى أن يكون متصفا بالعلم ، والقدرة ، والإرادة. فلو استدعى فى اتصافه بهذه الصفات مخصصا ؛ لزم التسلسل الممتنع.
قلنا : أما الأول : فإنما يصح أن لو ثبت أن الاختصاص ببعض الأحياز ، والجهات ليس من صفات المدح ؛ وهو غير مسلم / من حيث أن جهة العلو أشرف من جهة
__________________
(١) انظر ل ١٤٦ / أوما بعدها.
(٢) فى ب (الجهات والأحياز).
(٣) فى ب (الرب).
(٤) ساقط من أ.
(٥) فى ب (لاختصاص).
(٦) فى ب (بالجهة والحيز).
(٧) فى ب (مصحح).