الثانى : أنه قد ثبت كون فعل العبد مقدورا للعبد. فلو لم يكن مخلوقا له ؛ لكان مخلوقا لغيره ، ؛ لضرورة حدوثه ، ويلزم من كونه مخلوقا للغير أن يكون مقدورا لذلك الغير.
وعند ذلك : فإما أن يبقى مقدورا للعبد ، أو لا يبقى مقدورا له.
فإن كان الأول : لزم وجود مقدور بين قادرين ؛ وهو محال كما سبق.
وإن كان الثانى : فيلزم منه إبطال دليل القدرة الحادثة ؛ وهو ممتنع.
الثالث : هو أن الفعل المقدور واقع على حسب القصد ، والداعية ؛ بخلاف ما ليس بمقدور. فلو كان الفعل المقدور واقعا بغير القدرة الحادثة ؛ لما وقع على حسب القصد ، والداعية ؛ بخلاف ما ليس بمقدور. فلو كان الفعل المقدور واقعا بغير القدرة الحادثة ؛ لما وقع على حسب القصد ، والداعية لغير المقدور.
الرابع : هو أن الأفعال الاختيارية مختلفة باختلاف القدر. حتى أن الأيّد القوى ؛ يقدر على حمل أضعاف ما يقدر عليه الضّعيف ، ولو استويا فى عدم تأثير القدرة فى المقدور ؛ لما وقع التفاوت أصلا.
وحيث وقع التفاوت ؛ دلّ على تأثير القدرة الحادثة فى مقدوراتها.
الخامس : هو أنه لو كان تعلق القدرة الحادثة بمقدورها من غير تأثير لها فيه ؛ لما امتنع تعلقها بالألوان ، والطعوم ، والجواهر ، والمستحيلات : كما فى العلم. وحيث لم تتعلق بهذه الأمور ؛ لم يكن إلا لكونها مؤثرة.
السادس : هو أنه لو لم تكن قدرة العبد مؤثرة فى مقدوره ؛ لكان / مقدوره حاصلا فيه بفعل الله ـ تعالى ـ ضرورة : كما فى حركة الارتعاش ، ويلزم من ذلك أن يكون العبد مضطرا إلى الفعل ، وهو مقدور له ؛ وذلك (١) محال.
السابع : أنه لو لم تكن القدرة الحادثة مؤثرة فى مقدورها ؛ بل المؤثر فيه هو الله ـ تعالى ـ ؛ لأمكن وجود مقدورات من العبد فى غاية الحكمة (٢) والإتقان : كالصنائع البديعة ، والأبنية المشيدة الرفيعة. وهو لا يشعر بها ، ولا يحيط بها مع كونها مقدورة له ؛ لضرورة (٣) وقوعها بفعل الله ـ تعالى ـ ؛ وذلك محال.
__________________
(١) فى ب (وهو).
(٢) فى ب (من الحكمة).
(٣) فى ب (ضرورة).