الثامن : هو أن مقدور العبد ينقسم : إلى طاعة ، ومعصية ، وخير وشر ، وذل ، وخشوع. وفعل الله ـ تعالى ـ لا يوصف بشيء من ذلك ؛ فلو كان مقدورا للعبد غير مخلوق له ؛ بل لله ـ تعالى ـ ؛ لا تصف بهذه الصفات ؛ وهو محال.
التاسع : أنه من فعل الظلم : فإنه يسمى ظالما ، والشر : شريرا ، والفسق : فاسقا ، والخير : خيرا ، والمعصية : عاصيا ، والخشوع : خاشعا ، إلى غير ذلك.
ولا يخفى أن مقدورات العبد : منقسمة إلى هذه الأقسام. فلو لم تكن من فعله ؛ بل من فعل الله ـ تعالى ـ ؛ لسمى بما ذكرناه ؛ وهو محال.
العاشر : أنه لو لم يكن مقدور العبد حاصلا بقدرته ؛ بل بإيجاد الله ـ تعالى ـ ؛ لكان كفره بإيجاد الله ـ تعالى ؛ وهو ممتنع لوجهين :
الأول : أنه لو كان كذلك ؛ لكان الرب ـ تعالى ـ أضر على العبيد من إبليس اللعين ، من حيث أن إبليس داع إلى الكفر ، والرب ـ تعالى ـ موجد له ؛ وذلك غير لائق بالموصوف باللطيف ، وأرحم الراحمين ، على ما قال ـ تعالى ـ (اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ) (١) وقال ـ تعالى ـ (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٢).
الثانى : أنه يلزم منه أن لا يكون لله ـ تعالى ـ على الكافر نعمة على ما تقرر قبل ؛ وهو محال لما سبق.
الحادى عشر : هو أن العقلاء : يستحسنون شكر المحسن ، وذم المسىء ولا يستحسنون شكره ، ولا ذمه على سواده ، وبياضه ، وطوله ، وقصره ، وحركته حال ارتعاشه. ولو لم يكن ما (٣) شكر (٣) ، وذم عليه : من فعله ، وإيجاده ؛ لما حسن الشكر ، والذم : كما فى الصور المستشهد بها ؛ ضرورة التساوى فى عدم تأثير القدرة الحادثة.
الثانى عشر : هو أن العقلاء : (يستحسنون) (٤) الأمر ، والنهى للقادر على الفعل ، وطلبه منه ، وزجره عنه ، والوعد والوعيد عليه. ولا يستحسنون ذلك فيما ليس بمقدور :
__________________
(١) جزء من الآية رقم ١٩ من سورة الشورى.
(٢) سورة يوسف جزء من الآية رقم ٦٤.
(٣) فى ب (ما شكر عليه).
(٤) فى أ (لا يستحسنون).