ويلزم من ذلك : إبطال الشرائع ، وتجويز أن يكون ما أخبرنا به من (أن) (١) دين الإسلام حق ، وما عداه باطل بالضد ؛ وكل (٢) ذلك (٢) محال لا يرتضيه عاقل لنفسه ؛ فضلا عن خالقه.
السادس عشر : لو كانت مقدورات العبد من أفعال الله ؛ لكانت حسنة بكل حال ؛ وليس كذلك.
السابع عشر : أنه لو لم يكن العبد موجدا لفعله ؛ لما كان الثواب ، والعقاب على فعل العبد مجازاة له على فعله ، وهو خلاف قوله ـ تعالى ـ (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٣). وقوله ـ تعالى ـ (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) (٤). وقوله ـ تعالى ـ (جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٥). وقوله ـ تعالى ـ (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) (٦).
/ إلى غير ذلك من الآيات ، والدلالات السمعيات ؛ وذلك محال.
الثامن عشر : أنه يلزم من كون العبد غير موجد لفعله : أن يكون الثواب والعقاب من الله ـ تعالى ـ لا بطريق المجازاة على الفعل. ولو كان كذلك لجاز عقاب الأنبياء ، وثواب الكفرة الأغبياء ، وعقاب الطائع ، وثواب العاصى ، ولم يبق لأحد وثوق بعمله.
ولا يخفى : ما فى ذلك من تشويش الدين ، والخبط فى الشريعة ، وتعطيل معنى الرسالة.
التاسع عشر : أنه لو كان البارى ـ تعالى ـ هو الفاعل لمقدورات العبد ، وهو آمر بها ، وناه عنها ؛ لكان آمرا للعبد بفعل نفسه ، ناهيا له عنه ، ولا يخفى أن أمر الآمر لغيره بفعل الأمر ، ونهيه عن فعله ، مما يعد جهلا ، وحمقا ؛ والرب منزه عن ذلك كله.
العشرون : أنه لو كان الكفر ، والإيمان من فعل الله ـ تعالى ـ ؛ لكان من قضائه ، وقدره.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) فى ب (وهو).
(٣) سورة السجدة ٣٢ / ١٧.
(٤) سورة آل عمران ٣ / ١٨٢.
(٥) سورة التوبة جزء من الآية رقم ٨٢ والآية رقم ٩٥.
(٦) سورة النجم ٥٣ / ٣١.