وما المانع أن يكون ذلك لكونه غير مقدور؟ لا لعدم تأثير القدرة فيه؟ أو لمعنى آخر لا سبيل إلى نفيه بطريق قطعى (١).
كيف : وأنه إذا لم يستبعد امتناع وقوع الفعل بالقصد والداعية ، مع وقوعه على حسبهما ، فكيف يستبعد وقوعه لا بالقدرة الحادثة؟
قولهم : الأفعال الاختيارية (٢) مختلفة باختلاف القدر على ما ذكروه.
قلنا : التفاوت : إنما هو فى كثرة المقدورات لكثرة القدر ؛ وليس فى ذلك ما يدل على وقوع الفعل بالقدرة.
قولهم : لو لم تؤثر القدرة الحادثة فى مقدورها ؛ لما امتنع تعلقها بالجواهر ، والألوان ، والطعوم ، والمستحيلات : كما فى العلم.
قلنا : هذا إنما يلزم أن لو بينوا أن علة تعلق العلم بالجواهر ، وباقى ما ذكر ، عدم تأثيره ؛ وهو غير مسلم ، ولا مبرهن عليه ؛ فيكون ما ذكروه تمثيلا من غير علة جامعة / ؛ وهو غير صحيح.
فإن قيل : فإذا (٣) قيل : تتعلق القدرة بالمقدور من غير تأثير ؛ فليس تعلقها ببعض المقدورات دون البعض ؛ أولى من العكس.
قلنا : (ليس) (٤) كذلك ؛ فإنه لا مانع أن تكون لذاتها مقتضية للتعلق بما تعلقت به لخصوص تعينه ، أو أن يكون تعين ما لم تتعلق به مانعا من تعلقها به.
ثم هو لازم : على القائل بتأثير القدرة الحادثة فى مقدور ، دون مقدور ، وكل ما يقال فى الجواب فى تخصيص التأثير ؛ فهو جواب فى تخصيص التعلق من غير تأثير.
قولهم : لو كان مقدور العبد مخلوقا للرب ـ تعالى ـ فيه ؛ لكان العبد مضطرا إليه ؛ وقد سبق جوابه فى الفصول المتقدمة.
__________________
(١) فى ب (قطع).
(٢) فى ب (الاعتبارية).
(٣) فى ب (إذا).
(٤) فى أ (أليس).