قولهم : لو كان المؤثر فى مقدورات العبد القدرة القديمة ؛ لجاز أن يوجد منه فعل فى غاية الحكمة ، والإتقان ؛ وهو لا يشعر به ؛ عنه جوابان :
الأول : أنا نقول بجوازه ، وإن كان على خلاف العادة (الغالبة) (١).
الثانى : وإن كان ذلك ممتنعا : فما المانع أن يكون ذلك لتلازم القدرة الحادثة والعلم ، وإن كان المؤثر فى المقدور القدرة القديمة ؛ وذلك كتلازم : الألم ، والعلم به. وإن كان المؤثر فى الألم هو القدرة القديمة.
قولهم : من فعل ظلما : يسمى ظالما ؛ سبق الجواب عنه فيما تقدم.
قولهم : لو كان الرب هو الخالق للكفر ؛ لكان أضرّ على العبيد من إبليس على ما قرروه.
قلنا : هذا هو اللازم على الخصم من وجهين :
الأول : أنه إن كان الموجد للكفر ؛ أضرّ من الدّاعى إليه ؛ فالممكن منه بخلق القدرة عليه ، والداعى إليه ، وآلات التوصّل إلى الكفر مع علمه بوقوعه ممن مكنه أيضا ؛ أضرّ من الدّاعى إليه.
ولهذا : فإن فى الشاهد لو خلق الله ـ تعالى ـ العلم الضرورى لشخص ، أو باعلام نبى مرسل له بطريق الوحى : أنه لو مكن عبدا من العدد ، والأموال ؛ لقطع الطريق ، وأخاف السبيل ، وارتكب الفواحش ؛ فإنه يكون أضرّ على العبد من الداعى إليه. إذا لم يكن موجدا ، ولا ممكنا لتلك المعاصى والرب ـ تعالى ـ قد مكن عبده من الكفر على أصلكم بما حققناه ؛ فليكن أضرّ عليه من إبليس الداعى إليه.
وما هو جواب لكم : عن هذا الإلزام ؛ فهو جواب لنا : هاهنا.
الثانى : أنه يلزم على سياق ما ذكروه : أن يكون العبد ؛ لكونه فاعلا للإيمان ـ على أصلهم ـ أحق بالثناء من الله ـ تعالى ـ لكونه ممكنا منه غير فاعل له ؛ وهو محال.
فلئن قالوا : إنما كان الرب أحق / بالثناء من العبد ؛ لأنه لو لا تمكينه من الكفر لما أوجد العبد الإيمان.
__________________
(١) فى أ (الحالية).