ثم اختلف القائلون بكون المتولدات مقدورة بالمقدورة على السبب.
فذهب بعضهم : إلى كونها مقدورة قبل وجود سببها ، ولا تكون مقدورة بعد وجود سببها.
وذهب آخرون : إلى كونها مقدورة بعد وجود سببها إلى حالة وجودها.
واختلفوا أيضا : فى أن مباشر السبب إذا قصد المسبب ، وكان معصية ، هل تصح توبته عنه قبل وقوعه ، أم لا؟
فذهب عباد الصيمرى : إلى المنع منه ، وجوزه آخرون.
وقال أبو هاشم : لو كان المتولد جهلا ؛ فلا يصح التوبة عنه قبل وقوعه ، ولا حالة وقوعه ؛ إذ التوبة تستدعى معرفة كونه جهلا ؛ ليندم عليه ، ويكف عن أضداده ؛ وذلك غير متصور فى الجهل ؛ إذ لو علم كونه جهلا ؛ لكان عالما لا جاهلا.
هذا كله فى أفعال العباد المختارين.
وأما أفعال الله ـ تعالى ـ فقد اختلفوا فيها :
فمنهم : من منع من تولد بعضها من بعض ، وأوجب كونها مقدورة بالقدرة ، أو القادرية القديمة من غير توسط.
ومنهم : من لم يمنع من ذلك.
ثم اختلف القائلون بتولد أفعال الله ـ تعالى ـ : هل يجوز أن يقع أمثال المتولد منها مقدورا مباشرا بالقدرة القديمة أم لا؟
فمنهم : من جوزه.
ومنهم : من منعه. مع اتفاق الكل على أن المتولد من أفعالنا لا يكون مثله مقدورا لنا مباشرا بالقدرة من غير توسط ، وأن الجواهر لا تكون متولدة عن سبب من الأسباب.