وإن كان الثانى : فيلزم منه أن لا يكون اعتماد الرياح الشديدة على غصون الأشجار ، وأوراقها ؛ موجبا لتحريكها ، ولا يخفى استواء نسبة اعتماد الواحد منا على الجسم إلى تحريكه ، مع انتفاء الموانع ، ونسبة اعتماد الرياح الشديدة على غصون الأشجار ، وأوراقها عند انتفاء الموانع ؛ فإذا لم يكن اعتماد الرياح موجبا لتحريك غصون الأشجار ؛ فكذلك اعتماد الواحد منا على ما يعتمد عليه من الأجسام.
وهو ضعيف أيضا ؛ إذ لقائل أن يقول :
ما المانع من كون أفعال الرب المباشرة بقادريته مولدة؟
قولكم : لأنه لا يبقى الوثوق بكون الجواهر غير متولدة دعوى مجردة ؛ وهى إما أن يدعى فيها (١) الضرورة ، أو النظر.
لا سبيل إلى الأول ؛ لما تقدم فى أمثاله.
وإن كان الثانى ؛ فلا بد من الدليل.
وإن سلم امتناع التولد فى أفعال الله ـ تعالى ـ فما المانع منه (٢)؟
قولكم : يلزم منه أن لا يكون فعل الواحد منا مولدا (٣) على ما قررتموه ؛ غير صحيح. فإنه لا يمتنع أن يكون شرط تولد الفعل من الفعل المباشر بالقدرة ؛ امتناع / مباشرة المتولد بالقدرة. وهذا الشرط متحقق بالنسبة إلى اندفاع الجسم المتولد ، عن اعتماد الواحد منا على الجسم ؛ لكونه خارجا عن محل قدرته ؛ فإن مباشرته بقدرة الواحد منا ؛ ممتنع بالإجماع منا ومنكم. وهذا بخلاف (٤) ما هو خارج عن محل قدرة البارى ـ تعالى ـ وقادريته ؛ فإنه غير ممتنع أن يكون مباشرا بقدرة البارى ـ تعالى ـ أو قادريته.
وعند ذلك : فلا يلزم من امتناع التولد فى إحدى الصورتين ؛ امتناع التولد فى الأخرى ، ولا من جواز التولد فى إحداهما ؛ جوازه فى الأخرى.
__________________
(١) فى ب (فيه).
(٢) فى ب (عنه).
(٣) فى ب (مؤثرا).
(٤) فى ب (الخلاف).