المسلك الرابع :
أنه إذا كان النظر مولدا للعلم ؛ فلو جاز تقدير وقوع العلم بالقدرة من غير نظر ؛ للزم منه وقوع علم كسبى من غير سابقة نظر ؛ وهو محال.
المسلك الخامس :
أنه لو أمكن وقوع المسبب مباشرا بالقدرة ؛ لما امتنع أن يتخير القادر بعد وجود السبب فى إيقاع المسبب ، والانفكاك (١) عنه ؛ وهو محال.
واعلم أن هذه المسالك : وإن كانت باطلة ؛ لبطلان ما هى مفرعة عليه من التولد. غير أنا نسلم (٢) صحة التولد جدلا ، ونبين مناقضتهم فيها.
أما المسلك الأول :
فمبنى على امتناع إيجاد مثلين : فى محل واحد ، بقدرة واحدة ؛ وهو خلاف أصل القائل به ؛ فإن من جعل جوهرا فردا بين ستة جواهر متألف (٣) بها (٣) ؛ فقد قام بالجوهر المتوسط تأليفات ستة : متماثلة ، حادثة ، بقدرة حادثة عنده.
كيف : وأن الرب ـ تعالى ـ قادر عندهم على خلق مثلين فى محل واحد من حيث هو قادر ، والواحد منا قادر. والقادر لا يختلف شاهدا ، ولا غائبا ؛ فما جاز على أحدهما جاز على الآخر.
وإن سلمنا امتناع خلق مثلين فى محل واحد بقدرة واحدة ؛ فما المانع من أن تكون القدرة موجدة لغير ما يمكن وجوده بالسبب بدلا عن السبب لا غيره. وعند ذلك ؛ فلا إحالة.
وأما المسلك الثانى :
فقد سبق الجواب عنه فيما تقدم.
__________________
(١) فى ب (والانكفاف).
(٢) فى ب (لا نسلم).
(٣) فى ب (متألفا).