الفرق سبيلا. بل ولو قيل (لهم (١)) : لم كانت القدرة الواحدة موجبة فى كل جزء من الأجزاء المنضمة حركة عند انضمام قدر أخرى إليها موازية للأجزاء المحركة ، ولم تكن مؤثرة بانفرادها؟ / مع أن مقدور كل قدرة غير مقدور الأخرى. ولا تتعلق قدرتان بمقدور واحد ، ولا تؤثر كل واحدة من القدر فى القدرة الأخرى ، ولا فى مقدورها ؛ بل كل واحدة حالة انفرادها كهى حالة الاجتماع مع غيرها ، ولم لا كانت مؤثرة فى الحالتين ، أو غير مؤثرة فى الحالتين؟ لم يجدوا إلى الفرق سبيلا.
ولهذا قال ابن الجبائى ، وغيره من فضلاء المعتزلة : لا نعرف لذلك سببا ، غير أنا وجدنا أن ما يسهل علينا حركته عند الافتراق ؛ عسير عند الاجتماع. وهذا : وإن كان حقا ؛ فليس فيه ما يدل على وجوب اجتماع قدر موازية لأعداد الأجزاء المنضمة ، ولا أن يكون فى كل جزء من الحركات ما يوازى أعداد الأجزاء ؛ بل أمكن أن يكون ذلك لعدم خلق الله ـ تعالى ـ القدرة على الدفع حالة الانضمام ، وخلقه لها حالة التفريق بحكم جرى العادة ، أو لتوقفت الحركة والدفع فى الأجزاء المنضمة ، على وجود قدرة أخرى واحدة ، منضمة إلى القدرة الأولى ، أو أكثر.
وبالجملة : على قدر لا تكون فى عددها موازية لعدد الأجزاء ، ولا محيص عنه.
وأما الجبائى فإنه قال : انضمام الأجزاء مانع من التحريك.
ولهذا : فإنا نجد القادر على المشى يمتنع عليه المشى بالربط والتقييد ؛ بسبب انضمام أجزاء القيد إلى رجليه ؛ وهو مبنى على أصله فى جواز منع القادر ؛ وقد أبطلناه.
وإن سلمنا صحة المنع ؛ فلا نسلم صحة التعليل ، بانضمام أجزاء القيد إلى رجليه ؛ بل أمكن أن يكون ذلك لمعنى مختص بتلك الصورة لا وجود له فيما نحن فيه ، ولا طريق إلى نفى ذلك بأمر يقينى على ما أسلفناه.
كيف : والفرق واقع (٢) من جهة أن مانع القيد لا يزول ـ وإن تضاعفت القدر ـ بخلاف ما نحن فيه فإنه قال بزوال (٣) المانع بتقدير أن توجد قدر موازية لأعداد الأجزاء المنضمة.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) فى ب (مانع).
(٣) فى ب (يزول).