نفس القدرة ؛ إذ القدرة ليس من شأنها تخصيص الحادث بحالة دون حالة ؛ بل ما من شأنه أن يأتى به الفعل بدلا عن الترك ، والترك بدلا عن الفعل ، كما تقدم تحقيقه ؛ فلم يبق إلا أن يكون زائدا على ذلك كله ؛ وهو المعنى بالإرادة ، فقد (١) ثبت بذلك أن العبد متصف بالإرادة (١) ، وإليه الإشارة بقوله ـ تعالى ـ (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) (٢) أثبت كون العبد مريدا ، والمريد من قامت به الإرادة ، على ما سبق. وكذلك قوله ـ تعالى ـ (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) (٣). إلى غير ذلك من الآيات ، والدلائل الواضحات.
وإذا ثبتت الإرادة الحادثة ؛ فالقول فى امتناع بقائها ، وفى وجوب مقارنتها للمراد ، وامتناع تعلق الإرادة الواحدة الحادثة بمرادين ، وفى تماثلها واختلافها ، وتضادها ، وأنها هى تفتقر في تعلقها بالمراد إلى نية مخصوصة؟
وأن فعل النائم هل هو مراد؟ وأن النوم مضاد للإرادة. وأنه هل يتصور وجود مراد بين مريدين؟ وأن الله ـ تعالى ـ يريد مثل فعل العبد ، وأنه هل يتصور وجود مراد واحد بإرادتين لمريد واحد من وجهين ؛ فعلى ما سبق فى القدرة الحادثة من المزيف ، والمختار ؛ فعليك بنقله إلى هاهنا.
__________________
(١) فى ب (وقد ثبت أن العبد متصف بصفة الإرادة).
(٢) سورة الأنفال ٨ / ٦٧.
(٣) سورة النساء ٤ / ٢٧.