منهما مع ضد الآخر. وضد الكراهية ، الإرادة ؛ وذلك يجرّ إلى جواز إرادة الشيء ، وإرادة ضد ذلك الشيء معا ؛ وهو محال ؛ لما تقدم من أن الإرادتين المتعلقتين بالضدين متضادتان.
وإذا لم يكن كارها لغير ما هو مريد له ، تعين كون الإرادة للشيء عين الكراهة لضد ذلك الشيء ؛ وبهذا عرفنا (١) أن عين القرب من المشرق (٢) ؛ هو عين البعد من (٣) المغرب (٣) ، وأن عين شغل الجوهر لحيز انتقل إليه ، عين تفريقه للحيز الآخر ، ونحو ذلك.
وهذه الحجة فيها نظر ؛ إذ لقائل أن يقول : لا نسلم أن المريد للشيء يكون كارها لضده ؛ بل غايته أن يكون كارها ، لعدم المراد. أما الضد : فأمكن أن يكون كارها له ، وأمكن أن لا يكون / وإن سلم أنه لا بد وأن يكون كارها للضد ؛ ولكن لا نسلم أن الإرادة عين الكراهة. والمختار من الأقسام : إنما هو الاختلاف من غير تضاد.
وعلى هذا : فلا نسلم إمكان وجود أحد المختلفين دون الآخر مطلقا فى كل مختلفين ؛ ليلزم ما قيل.
وما المانع من كونهما متلازمين؟ بحيث لا ينفك أحدهما عن الآخر ، ولا يلزم من جواز الانفكاك فى بعض المختلفات جوازه مطلقا.
ولهذا : فإن التحيز مع الجوهر من المختلفات ، ولا انفكاك لأحدهما عن الآخر على أصل المستدل.
وأما حجة مذهب الأستاذ أبى إسحاق : فإنما تلزم أن لو قيل : بأن إرادة الشيء عين الكراهة لضد ذلك الشيء مطلقا ؛ وليس كذلك.
وما المانع أن تكون الإرادة للشىء عين الكراهة لضده مشروطا بالعلم به؟ كما أن أصل الكراهة للشىء. أو الإرادة له مشروطا بالعلم به.
__________________
(١) فى ب (عرفت).
(٢) فى ب (الشرق).
(٣) فى ب (عن الغرب).