وأما قولهم : بأن الكلمة حلت فى المسيح ، وتدرعت به ؛ فهو باطل من وجهين :
الأول : ما ذكرناه فى امتناع حلول صفة / القديم فى غيره.
الثانى : أنه ليس القول بحلول الكلمة ، أولى من القول بحلول الروح ، وهى الحياة.
فلئن قالوا : إنما استدللنا على حلول العلم فيه لاختصاصه بعلوم لا يشاركه غيره فيها.
قلنا : وقد اختص عندكم بإحياء الميت (١) ، وإبراء الأكمه ، والأبرص ، وبأمور لا (٢) يقدر غيره من المخلوقين عليها ، والقدرة عندكم ، فى حكم الحياة. إما بمعنى أنها عينها ، أو ملازمة لها ؛ فوجب أن يقال : بحلول الحياة فيه ؛ ولم يقولوا به.
وأما قول الملكانية : بالتثليث فى الآلهة ، وأن كل أقنوم إله. فإما (٣) أن يقولوا (إن) (٤) كل واحد متصف بصفات الإله ـ تعالى ـ : من الوجود ، والحياة ، والعلم ، والقدرة ، وغير ذلك من صفات الجلال ، أو لا يقولوا ذلك (٥).
فإن قالوا بالأول : فهو خلاف أصلهم. ثم هو مع ذلك ممتنع ؛ لما سنبينه فى امتناع وجود إلهين.
وأيضا : فإنهم إما أن يقولوا : بأن جوهر القديم أيضا إله. أو لا يقولوا بذلك.
فإن كان الأول : فقد أبطلوا مذهبهم. وإجماع النصرانية على التثليث ، وصارت الآلهة أربعة.
وإن كان الثانى : لم يجدوا إلى الفرق سبيلا. مع أن جوهر القديم أصل ، والأقانيم صفات تابعة له ؛ فكان أولى أن يكون إلها.
وإن قالوا بالثانى : فحاصله يرجع إلى منازعة لفظية ، والمرجع فيها إلى ورود الشرع بجواز إطلاق ذلك ؛ ولا سبيل إليه.
__________________
(١) فى ب (الموتى).
(٢) فى ب (ما يقدر).
(٣) فى ب (إما).
(٤) ساقط فى أ.
(٥) فى ب (به).