الحياة بامتناع جريان المبالغة ، والتفضيل فيها ، بخلاف العلم ؛ فإنه يقال : هذا أعلم من هذا.
قلنا : أما قولهم : إن الوجود ، والحياة مختصة بذات القديم ، ولا تعلق لهما بغيره ؛ فمسلم ؛ ولكن يلزم عليه : أن لا يكون العلم أقنوما ؛ لتعلقه بغير ذات القديم ؛ إذ هو معلوم به. فلئن قالوا : إن العلم إنما كان أقنوما من حيث كان متعلقا بذات القديم ، لا من حيث كان متعلقا بغيره ؛ فيلزمهم أن يكون البصر أقنوما ، لتعلقه بذات القديم من حيث أنه يرى نفسه ، ولم يقولوا به. ثم (١) يلزمهم (١) من ذلك أن يكون بقاء ذات الله ـ تعالى ـ أقنوما ، لاختصاص البقاء بنفسه ، وعدم تعلقه بغيره كما فى الوجود ، والحياة ، والعلم.
فلئن قالوا : البقاء هو نفس الوجود ؛ فيلزم أن يكون الموجود ، فى أول زمان حدوثه باقيا ؛ وهو محال.
وقولهم : بأن الحياة (٢) تجرى عن القدرة ، والإرادة : فإما أن يريدوا بذلك (٣) : أن القدرة والإرادة ، هى نفس الحياة ، أو أنها خارجة عنها لازمة لها ، لا تفارقها.
فإن كان الأول : فقد نقضوا مذهبهم ؛ حيث قالوا : إن الحياة أقنوم لاختصاصها بجوهر القديم ، والقدرة والإرادة غير [مختصتين] (٤) بذات القديم تعالى ـ ؛ وذلك مشعر بالمغايرة ، ولا اتحاد مع المغايرة.
وإن قالوا : إنها لازمة لها مع المغايرة ؛ فهو ممنوع ؛ فإنه كما يجوز خلو الحى عن العلم ؛ فكذلك قد يجوز خلوه عن القدرة ، والإرادة كما فى حالة النوم ، والإغماء ، [ونحوهما] (٥).
وقولهم : إنه يمتنع إجراء الحياة عن العلم ؛ لاختصاص العلم بالمبالغة ، والتفضيل ؛ فيلزم منه أن لا تكون مجربة عن القدرة أيضا ؛ لاختصاص القدرة بهذا النوع من المبالغة ، والتفضيل.
__________________
(١) فى ب (ويلزمهم).
(٢) فى ب (الإرادة).
(٣) فى ب (به).
(٤) فى أ (مختصه).
(٥) فى أ (ونحوه).