والمساواة : وهى الاتحاد فى الكمية.
والموازاة : وهى الاتحاد فى الوضع.
وعلى هذا : فما كان واحدا بالعدد ، فقد اتفق أن يكون واحدا ، بمعنى عدم النظير والشبيه على ما تقدم ، والبارى ـ تعالى ـ واحد بكلا الاعتبارين : أما أنه واحد بالعدد : فعلى ما تقدم.
وأما أنه واحد بالاعتبار الثانى : فعلى ما سيأتى فى الفصل الثانى.
فإن قيل : فما يقال له واحد ، هل هو واحد لمعنى ، أو لنفسه؟
قلنا : قد نقل عن بعض المتكلمين أنه واحد (١) لمعنى (١) ، والّذي ذهب إليه أئمتنا أن الواحد واحد لنفسه لا لمعنى ، وإلا كان ذلك المعنى أيضا واحدا ، ويلزم أن يكون واحد المعنى ؛ وهو تسلسل ممتنع.
ثم (٢) من صار إلى كون (٢) الواحد واحدا ، لا لمعنى ، فقد اختلفوا :
فذهب أبو هاشم : الى أن معنى الواحد يرجع إلى صفة نفى ، وأن حاصله يرجع إلى نفى ما عدا الموجود الفرد.
وذهب القاضى أبو بكر : إلى أن حاصله يرجع إلى صفة إثبات ، هى صفة نفس غير معللة. ولعل الأشبه ما ذكره القاضى ، وذلك لأنا إذا قلنا : إن معنى الواحد إنما هو سلب ما زاد على الموجود الفرد ؛ فهو عبارة عن سلب الكثرة ؛ فالواحد يكون عبارة عن سلب الكثرة ؛ فيكون معناه عدما ، والكثرة إنما هى مركبة من الآحاد. فإذا كان معنى كل واحد من الآحاد عدما ، فالكثرة المركبة من الآحاد تكون عدما. وإذا كانت الكثرة عدما ؛ فسلبها يكون وجودا ، وسلبها هو مفهوم الواحد ؛ فيكون مفهوم الواحد وجودا ، ويلزم من ذلك أن / لا تكون الكثرة عدما ؛ بل وجودا ؛ لتركبها من الوجودات ؛ فالقول بأن مفهوم الواحد عدم ما عدا الموجود الفرد ؛ يجر إلى كون الكثرة وجودا وعدما معا ؛ وهو محال.
وهو من دقيق الكلام : فليفهم.
هذا ما يتعلق بتحقيق معنى الواحد.
__________________
(١) فى ب (بمعنى).
(٢) فى ب (ثم إن صار الى أن).