هو وجوب الوجود ؛ فليسا بواجبين ؛ بل أحدهما دون الآخر. وإن كان الاشتراك بوجوب الوجود ؛ فهو ممتنع لوجهين :
الأول : هو أن ما به الاشتراك من وجوب الوجود : إما أن يتم تحققه فى كل واحد من الواجبين بدون ما به الافتراق ، أو لا يتم دونه.
فإن كان الأول : فهو محال. وإلا كان المعنى المطلق (١) المشترك متحقق (١) فى الأعيان [من] (٢) غير مخصص ؛ وهو محال.
وإن كان الثانى : كان وجوب الوجود ممكنا ؛ لافتقاره فى تحققه إلى غيره ، فالموصوف به ـ وهو ما قيل بوجوب وجوده به ـ أولى أن يكون ممكنا.
الوجه الثانى : هو أن مسمى واجب الوجود إذا كان مركبا من أمرين : وهو وجوب الوجود المشترك ، وما به الافتراق ؛ فيكون مفتقرا فى وجوده إلى كل واحد من مفرديه ، وكل واحد من المفردين مغاير للجملة المركبة منهما ، ولهذا يتصور تعقل كل واحد من الأفراد مع الجهل بالمركب منها والمعلوم / غير المجهول. وكل ما كان مفتقرا إلى غيره فى وجوده كان ممكنا ، لا واجبا لذاته ؛ إذ لا معنى لواجب الوجود لذاته ، إلا (٣) ما لا يفتقر (٣) ، فى وجوده إلى غيره.
وهذه المحالات إنما لزمت من القول بتعدد واجب الوجود لذاته ؛ فيكون محالا.
وربما استروح بعض الأصحاب فى إثبات الوحدانية إلى هذا المسلك أيضا.
وهو ضعيف إذ لقائل أن يقول :
وإن سلمنا الاتفاق بينهما من وجه ، والافتراق من وجه ، وأن ما به الاتفاق هو وجوب الوجود ، ولكن لم قلتم بالامتناع؟ وما ذكرتموه فى الوجه الأول ـ إنما يلزم أن لو كان مسمى وجوب الوجود معنى وجوديا. وأما بتقدير أن يكون أمرا سلبيا ، ومعنى عدميا ، وهو عدم افتقار الوجود إلى علة خارجة فلا. فلم قلتم بكونه أمرا وجوديا (٤)؟
__________________
(١) فى ب (مشتركا متحققا).
(٢) ساقط من أ.
(٣) فى ب (إلا ما يفتقر).
(٤) إلى هنا انتهى ما نقله ابن تيمية فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ٢٤٨ ـ ٢٥١).