يَهْتَدُونَ؟) (١) ، وفي الآية الأخرى : (أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) (٢). وأمثال ذلك كثير.
وعلامة من هذا شأنه أن يرد خلاف مذهبه بما عليه من شبهة دليل تفصيلي أو إجمالي ، ويتعصب لما هو عليه غير ملتفت إلى غيره ، وهو عين اتباع الهوى ، فهو المذموم حقّا ، وعليه يحصل الإثم ، فإن ما كان مسترشدا مال إلى الحق حيث وجده ولم يرده ، وهو المعتاد في طالب الحق ، ولذلك بادر المحققون إلى اتباع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين تبين لهم الحق.
فإن لم يجد سوى ما تقدم له من البدعة ، ولم يدخل مع المتعاصيين لكنه عمل بها.
فإن قلنا : إن أهل الفترة معذبون على الإطلاق إذا اتبعوا من اخترع منهم ، فالمتبعون للمبتدع إذا لم يجدوا محقّا مؤاخذون أيضا.
وإن قلنا : لا يعذبون حتى يبعث لهم الرسول وإن عملوا بالكفر فهؤلاء لا يؤاخذون ما لم يكن فيه محق ، فإذ ذاك يؤاخذون من حيث إنهم معه بين أحد أمرين : إما أن يتبعوه على طريق الحق فيتركوا ما هم عليه ، وإما أن لا يتبعوه فلا بد من عناد ما وتعصب فيدخلون إذ ذاك تحت عبارة (أهل الأهواء) فيأثمون.
وكل من اتبع بيان سمعان في بدعته التي اشتهرت عند العلماء ، مقلدا فيها على حكم الرضاء بها ورد ما سواها ، فهو من الإثم مع من اتّبع ، فقد زعم أن معبوده في صورة الإنسان وأنه يهلك كله إلا وجهه ثم زعم أن روح الإله حل في علي ، ثم في فلان ، ثم في بيان نفسه.
وكذلك من اتبع المغيرة بن سعد العجلي الذي ادّعى النبوة مدة وزعم أنه يحيي الموتى بالاسم الأعظم ، وأن لمعبوده أعضاء على حروف الهجاء على كيفية يشمئز منها قلب المؤمن إلى إلحادات أخر.
وكذلك من اتبع المهدي المغربي المنسوب إليه كثير من بدع المغرب ، فهو في الإثم والتسمية مع من اتّبع إذا انتصب ناصرا لها ومحتجّا عليها. وقانا الله شرّ التعصب على غير بصيرة من الحق بفضله ورحمته.
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ١٧٠.
(٢) سورة : لقمان ، الآية : ٢١.