السّنة حتى يكون لك في ذلك ألفة وجماعة يقومون مقامك إن حدث بك حدث ، فيكونون أئمة بعدك فيكون لك ثواب ذلك إلى يوم القيامة كما جاء الأثر. فاعمل على بصيرة ونية حسنة فيرد الله بك المبتدع والمفتون الزائغ الحائر ، فتكون خلفا من نبيك صلىاللهعليهوسلم فأحي كتاب الله وسنّة نبيّه ، فإنك لن تلقى الله بعمل يشبهه.
انتهى ما قصدت إيراده من كلام أسد رحمهالله. وهو مما يقوي جانب الإقدام مع ما روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه خطب الناس فكان من جملة كلامه في خطبته أن قال : والله إني لو لا أن أنعش سنّة قد أميتت ، أو أن أميت بدعة قد أحييت ، لكرهت أن أعيش فيكم فواقا.
وخرّج ابن وضاح في كتاب القطعان وحديث الأوزاعي أنه بلغه عن الحسن أنه قال : لن يزال لله نصحاء في الأرض من عباده يعرضون أعمال العباد على كتاب الله فإذا وافقوه حمدوا الله ، وإذا خالفوه عرفوا بكتاب الله ضلالة من ضل وهدى من اهتدى ، فأولئك خلفاء الله.
وفيه عن سفيان قال : اسلكوا سبيل الحق ولا تستوحشوا من قلة أهله. فوقع الترديد بين النظرين.
ثم إني أخذت في ذلك مع بعض الإخوان الذين أحللتهم من قلبي محل السويداء وقاموا لي في عامة أدواء نفسي مقام الدواء ، فرأوا أنه من العمل الذي لا شبهة في طلب الشرع نشره ، ولا إشكال في أنه بحسب الوقت من أوجب الواجبات ، فاستخرت الله تعالى في وضع كتاب يشتمل على بيان البدع وأحكامها وما يتعلق بها من المسائل أصولا وفروعا وسميته ب (الاعتصام). والله أسأل أن يجعله عملا خالصا ، ويجعل ظل الفائدة به ممدودا لا قالصا ، والأجر على العناء فيه كاملا لا ناقصا ؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وينحصر الكلام فيه بحسب الغرض المقصود في جملة أبواب وفي كل باب منها فصول اقتضاها بسط المسائل المنحصرة فيه وما انجر معها من الفروع المتعلقة به.