بعض الطريق تعنيفا على الظهر ـ وهو المركوب ـ حتى وقف فلم يقدر على السير ، ولو رفق بدابته لوصل إلى رأس المسافة.
فكذلك الإنسان عمره مسافة ، والغاية الموت ، ودابته نفسه ، فكما هو المطلوب الرفق بنفسه ، حتى يسهل عليها قطع مسافة العمر بحمل التكليف فنهى في الحديث التسبب في تبغيض العبادة للنفس ، وما نهى الشرع عنه لا يكون حسنا.
وخرّج الطبري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) (١) ، دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليّا ومعاذا فقال : «انطلقا فبشرا ، ويسّرا ولا تعسرا ، فإني قد أنزلت عليّ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً)».
وخرج مسلم عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده : أن النبي صلىاللهعليهوسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن ، فقال : «بشّرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا ، وتطاوعا ولا تختلفا» (٢).
وعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال : «بشروا ولا تنفروا ، ويسروا ولا تعسروا» (٣) وهذا نهي عن التعسير الذي التزام الحرج في التعبد نوع منه.
وفي الطبري عن جابر بن عبد الله قال : مرّ النبي صلىاللهعليهوسلم على رجل يصلي على صخرة بمكة ، فأتى ناحية مكة فمكث مليّا ، ثم انصرف فوجد الرجل يصلي على حاله ، فقال : «أيها
__________________
ـ وأخرج نحوه مسلم في كتاب : صفات المنافقين ، باب : لن يدخل أحد الجنة بعمله (الحديث : ٢٨١٦). وأخرج نحوه النسائي في كتاب : الإيمان ، باب : الدين يسر (الأحاديث : ٨ / ١٢١ ، ١٢٢).
(١) سورة : الأحزاب ، الآيات : ٤٥ ـ ٤٦.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب : المغازي ، باب : بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن (الأحاديث : ٨ / ٤٩ ، ٥٠). وأخرجه مسلم في كتاب : الجهاد ، باب : الأمر بالتيسير وترك التنفير ، وفي كتاب : الأشربة ، باب : بيان أن كل مسكر خمر (الحديث : ١٧٣٣). وأخرجه أبو داود في كتاب : الأشربة ، باب : النهي عن المسكر (الحديث : ٣٦٨٤). وأخرجه النسائي في كتاب : الأشربة ، باب : تحريم كل شراب أسكر (الأحاديث : ٨ / ٢٩٨ ، ٣٠٠).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب : الجهاد ، باب : في الأمر بالتيسير وترك التنفير (الحديث : ١٧٧٢).