واعتمروا ، واستقيموا يستقم بكم» (١) قال : ونزلت فيهم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ).
وفي الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : «إن رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله! إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء وأخذتني شهوتي فحرمت عليّ اللحم» (٢) فأنزل الله الآية : حديث حسن.
وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في رهط من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، منهم أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعثمان بن مظعون والمقداد بن الأسود الكندي وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهم اجتمعوا في دار عثمان بن مظعون الجمحي فتوافقوا أن يجبوا أنفسهم ، بأن يعتزلوا النساء ولا يأكلوا لحما ولا دسما ، وأن يلبسوا المسوح ولا يأكلوا من الطعام إلا قوتا ، وأن يسيحوا في الأرض كهيئة الرهبان ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أمرهم ، فأتى عثمان بن مظعون في منزله فلم يجده فيه ، ولا إياهم ، فقال لامرأة عثمان أم حكيم ابنة أبي أمية بن حارثة السلمي : «أحق ما بلغني عن زوجك وأصحابه؟» قالت : ما هو يا رسول الله؟ فأخبرها ، فكرهت أن لا تحدث رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكرهت أن تبدي على زوجها ، فقالت : إن كان أخبرك عثمان فقد صدق فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قولي لزوجك وأصحابه إذا رجعوا : إن رسول الله يقول لكم : إني آكل وأشرب وآكل اللحم والدسم وأنام وآتي النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني» (٣) ، فلما رجع عثمان وأصحابه أخبرتهم امرأته بما أمر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : لقد بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمرنا فما أعجبه ، فذروا ما كره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ونزل فيها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (٤) قال : من الطعام والشراب والجماع (وَلا تَعْتَدُوا) قال : في قطع المذاكير ، (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) قال : الحلال إلى الحرام.
__________________
(١) أخرج نحوه أبو داود في كتاب : الأدب ، باب : في الحسد (الحديث : ٤٩٠٤).
(٢) أخرجه الترمذي في كتاب : التفسير ، باب : ومن سورة المائدة (الحديث : ٣٠٥٢). وأخرجه الطبري (الحديث : ١٢٣٥٠).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب : الإيمان ، باب : قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «أنا أعلمكم بالله».
(٤) سورة : المائدة ، الآية : ٨٧.