وفي الصحيح عن عبد الله قال : كنا نغزو مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليس معنا نساء ، فقلنا : ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك ، فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثوب إلى أجل ، يعني : ـ والله أعلم ـ نكاح المتعة المنسوخ ، ثم قرأ ابن مسعود : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (١) (٢).
وذكر إسماعيل عن يحيى بن يعمر أن عثمان بن مظعون رضي الله عنه همّ بالسياحة وهو يصوم النهار ويقوم الليل ، وكانت امرأته عطرة فتركت الكحل والخضاب ، فقالت لها امرأة من أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم : أشهيد أنت أم مغيب؟ فقالت : بل شهيد ، غير أن عثمان لا يريد النساء ، فذكرت ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم فلقيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : «أتؤمن بما نؤمن به؟» قال : نعم ، قال : «فاصنع مثل ما نصنع ، (لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ)» (٣) الآية.
وخرّج سعيد بن منصور عن خضير عن أبي مالك ، قال : نزلت في عثمان بن مظعون وأصحابه ، كانوا حرموا عليهم كثيرا من الطعام والنساء ، وهمّ بعضهم أن يقطع ذكره ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا) الآية.
وعن قتادة ، قال : نزلت في ناس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرادوا أن يتخلوا عن الدنيا ، وتركوا النساء وترهبوا ، منهم علي بن أبي طالب ، وعثمان بن مظعون.
وخرّج ابن المبارك أن عثمان بن مظعون أتى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : ائذن لي في الاختصاء ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ليس منا من خصى أو اختصى إن اختصاء أمتي الصيام» ، قال : يا رسول الله! ائذن لي في السياحة ، قال : «إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله» قال : يا رسول الله! ائذن لي في الترهب ، قال : «إن ترهب أمتي الجلوس في المساجد لانتظار الصلاة» (٤).
__________________
(١) سورة : المائدة ، الآية : ٨٧.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب : تفسير سورة المائدة ، باب : (لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (الحديث : ٨ / ٢٠٧). وأخرجه مسلم في كتاب : النكاح ، باب : نكاح المتعة (الحديث : ١٤٠٤).
(٣) خرّج نحوه في كتاب : حياة الصحابة ج ٢ ، إلى أبي نعيم في كتاب : الحلية ١ / ١٠٦. وأخرجه ابن سعد ٣ / ٣٩٤.
(٤) أخرجه البخاري في كتاب : النكاح ، باب : ما يكره من التبتل (الحديث : ٩ / ١٠١). وأخرجه مسلم ـ