المحدثات ، كسائر ما أحدثوا في البيوع الجارية بينهم المبنية على الخطر والغرر.
وكانت الجاهلية قد شرعت أيضا أشياء في الأموال كالحظوظ التي كانوا يخرجونها للأمير من الغنيمة ، حتى قال شاعرهم :
لك المرباع فيها والصفايا |
|
وحكمك والنشيطة والفضول |
فالمرباع : ربع المغنم يأخذه الرئيس. والصفايا : جمع صفي. وهو ما يصطفيه الرئيس لنفسه من المغنم. والنشيطة : ما يغنمه الغزاة في الطريق ، قبل بلوغهم إلى الموضع الذي قصدوه ، فكان يختص به الرئيس دون غيره. والفضول : ما يفضل من الغنيمة عند القسمة.
وكانت تتخذ الأرضين تحميها عن الناس أن لا يدخلوها ولا يرعوها ، فلما نزل القرآن بقسمة الغنيمة في قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) (١) الآية ، ارتفع حكم هذه البدعة إلا بعض من جرى في الإسلام على حكم الجاهلية ، فعمل بأحكام الشيطان ، ولم يستقم على العمل بأحكام الله تعالى.
وكذلك جاء في الحديث : «لا حمى إلا حمى الله ورسوله» (٢) ثم جرى بعض الناس ممن آثر الدنيا على طاعة الله ، على سبيل حكم الجاهلية (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٣) ولكن الآية والحديث وما كان في معناهما أثبت أصلا في الشريعة مطردا لا ينخرم ، وعامّا لا يتخصص ، ومطلقا لا يتقيد ، وهو أن الصغير من المكلفين والكبير ، والشريف والدنيء ، والرفيع والوضيع في أحكام الشريعة سواء ، فكل من خرج عن مقتضى هذا الأصل خرج من السنّة إلى البدعة ، ومن الاستقامة إلى الاعوجاج.
__________________
(١) سورة : الأنفال ، الآية : ٤١.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب : الحرث والمزارعة ، باب : لا حمى إلا لله تعالى ورسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأخرجه في كتاب : الجهاد ، باب : أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري (الأحاديث : ٥ / ٣٤ ، ٣٥). وأخرجه أبو داود في كتاب : الخراج والإمارة ، باب : في الأرض يحميها الإمام أو الرجل (الأحاديث : ٣٠٨٣ ، ٣٠٨٤).
(٣) سورة : المائدة ، الآية : ٥٠.