فالأول : هو الحقيق باسم البدعة ، فإنها تؤخذ علة بالنص عليها.
ويليه القسم الثاني : فإن العمل يشبهه التنصيص بالقول ، بل قد يكون أبلغ منه في مواضع ـ كما تبين في الأصول ـ غير أنه لا ينزل هاهنا من كل وجه منزلة الدليل أن العالم قد يعمل وينص على قبح عمله ، ولذلك قالوا : لا تنظر إلى عمل العالم ، ولكن سله يصدقك. وقال الخليل بن أحمد أو غيره :
اعمل بعلمي ولا تنظر إلى عملي |
|
ينفعك علمي ولا يضرك تقصيري |
ويليه القسم الثالث : فإن ترك الإنكار ـ مع أن رتبة المنكر رتبة من يعد ذلك منه إقرارا ـ يقتضي أن الفعل غير منكر ، ولكن يتنزل منزلة ما قبله ، لأن الصوارف للقدرة كثيرة ، قد يكون الترك لعذر بخلاف الفعل ، فإنه لا عذر في فعل الإنسان بالمخالفة ، مع علمه بكونها مخالفة.
ويليه القسم الرابع : لأن المحظور الحالي فيما تقدم غير واقع فيه بالعرض ، فلا تبلغ المفسدة المتوقعة أن تساوي رتبة الواقعة أصلا ، فلذلك كانت من باب الذرائع ، فهو إذا لم تبلغ أن تكون في الحال بدعة ، فلا تدخل بهذا النظر تحت حقيقة البدعة.
وأما القسم الثاني والثالث : فالمخالفة فيه بالذات ، والبدعة من خارج ، إلا أنها لازمة لزوما عاديا ، ولزوم الثاني أقوى من لزوم الثالث ، والله أعلم.