قال بمثل ذلك ، أو أمضى الحكم به ، وإن كان الأشهر عنه خلافه ، ومثله في قضايا الصحابة كثير من ذلك.
قال ابن المعدل : لو أن رجلين حضرهما وقت الصلاة ، فقام أحدهما فأوقع الصلاة بثوب نجس مجانا (؟) وقعد الآخر حتى خرج الوقت ولا يقاربه (؟) مع نقل غير واحد من الأشياخ الإجماع على وجوب النجاسة (؟) عامدا جمع الناس أنه لا يساوي مؤخرها على وجوب النجاسة حال الصلاة ، وممن نقله اللخمي ، والمازري ، وصححه الباجي ، وعليه مضى عبد الوهاب في تلقينه.
وعلى الطريقة التي أوردتم ـ أن المنهيّ عنه ابتداء غير معتبر ـ أحرى بكون أمر هذين الرجلين بعكس ما قال ابن المعدل ، لأن الذي صلّى بعد الوقت قضى ما فرط فيه ، والآخر لم يعمل كما أمر ، ولا قضي شيئا ، وليس كل منهي عنه ابتداء غير معتبر بعد وقوعه.
وقد صحح الدار قطني حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها ، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها» (١) وأخرج أيضا من حديث عائشة رضي الله عنها : «أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل ـ ثلاث مرات ـ فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها» (٢). فحكم أولا ببطلان العقد ، وأكده بالتكرار ثلاثا ، وسماه زنا ، وأقل مقتضياته عدم اعتبار هذا العقد جملة. لكنه صلىاللهعليهوسلم عقبه بما اقتضى اعتباره بعد الوقوع بقوله : «ولها مهرها بما أصاب منها» ومهر البغيّ حرام.
وقد قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) (٣) ، فعلل النهي عن استحلاله بابتغائهم فضل الله ورضوانه مع كفرهم بالله تعالى ، الذي لا يصح معه عبادة ، ولا يقبل عمل ، وإن كان هذا الحكم الآن منسوخا ، فذلك لا يمنع الاستدلال به في هذا المعنى.
ومن ذلك قول الصديق رضي الله عنه : وستجد أقواما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله ،
__________________
(١) أخرجه الدار قطني في السنن (١ / ٢٢٧) كتاب : النكاح (الحديث : ٢٦).
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب : النكاح ، باب : في الولي (الحديث : ٢٠٨٣). وأخرجه الترمذي في كتاب : النكاح ، باب : ما جاء لا نكاح إلا بولي (الحديث : ١١٠٢).
(٣) سورة : المائدة ، الآية : ٢.