اختلفوا ولم يتفقوا ، فبعث النبيين ليحكموا بينهم فيما اختلفوا فيه من الحق ، وأن الذين آمنوا هداهم للحق من ذلك الاختلاف.
وفي الحديث الصحيح : «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم ، هذا يومهم الذي فرض الله عليهم ، فاختلفوا فيه فهدانا الله له ، فالناس لنا فيه تبع ، فاليهود غدا والنصارى بعد غد» (١).
وخرّج ابن وهب عن زيد بن أسلم في قوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) فهذا يوم أخذ ميثاقهم لم يكونوا أمة واحدة غير ذلك اليوم (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) ، (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ) (٢).
واختلفوا في يوم الجمعة فاتخذ اليهود يوم السبت واتخذ النصارى يوم الأحد فهدى الله أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ليوم الجمعة.
واختلفوا في القبلة فاستقبلت النصارى المشرق ، واستقبلت اليهود بيت المقدس ، وهدى الله امة محمد صلىاللهعليهوسلم للقبلة.
واختلفوا في الصلاة فمنهم من يركع ولا يسجد ، ومنهم من يسجد ولا يركع ، ومنهم من يصلي ولا يتكلم ، ومنهم من يصلي وهو يمشي ، وهدى الله أمة محمد صلىاللهعليهوسلم للحق من ذلك.
واختلفوا في الصيام ، فمنهم من يصوم بعض النهار ، ومنهم من يصوم من بعض الطعام ، وهدى الله أمة محمد صلىاللهعليهوسلم للحق من ذلك.
واختلفوا في إبراهيم عليهالسلام ، فقالت اليهود كان يهوديّا ، وقالت النصارى نصرانيّا ، وجعله الله حنيفا مسلما ، فهدى الله أمة محمد صلىاللهعليهوسلم للحق من ذلك.
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب : الجمعة ، باب : فرض الجمعة ، وباب : هل على من يشهد الجمعة غسل ، وأخرجه في كتاب : أحاديث الأنبياء ، باب : ما ذكر على بني إسرائيل (الأحاديث : ٢ / ٢٩٢ ، ٢٩٤). وأخرجه مسلم في كتاب : الجمعة ، باب : هداية هذه الأمة ليوم الجمعة (الحديث : ٨٥٥). وأخرجه النسائي في كتاب : الجمعة ، باب : إيجاب الجمعة (الأحاديث : ٣ / ٨٥ ، ٨٧).
(٢) سورة : البقرة ، الآية : ٢١٣.