وأما الحديث فقوله عليه الصلاة والسلام : «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» (١) وهذا نص في كفر من قيل ذلك فيه ، وفسره الحسن بما تقدم في قوله : «ويصبح مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا» (٢) الحديث ، وقوله عليه الصلاة والسلام في الخوارج : «دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء ـ وهو القدح ـ ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء من الفرث والدم» (٣) فانظر إلى قوله : «من الفرث والدم» فهو الشاهد على أنهم دخلوا في الإسلام فلا يتعلق بهم منه شيء.
وفي رواية أبي ذر رضي الله عنه : «سيكون بعدي من أمتي قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه ، هم شر الخلق والخليقة» (٤) إلى غير ذلك من الأحاديث ـ إنما هي قوم بأعيانهم ، فلا حجة فيها على غيرهم ، لأن العلماء استدلوا بها على جميع أهل الأهواء ، كما استدلوا بالآيات.
وأيضا ، فالآيات إن دلت بصيغ عمومها فالأحاديث تدل بمعانيها لاجتماع الجميع في العلة.
__________________
(١) أخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (الحديث : ٤٦٨٦) وأخرجه النسائي في كتاب : تحريم الدم ، باب : تحريم القتل (الحديث : ٧ / ١٣٦). وأخرجه البخاري في كتاب : الفتن ، باب : قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» (الأحاديث : ١٣ / ٢٢ ، ١٣ / ٢٥). وأخرجه مسلم في كتاب : الإيمان ، باب : بيان معنى قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» (الحديث : ٦٦).
(٢) تقدم تخريجه ص : ٣٧٨ ، الحاشية : ٢.
(٣) تقدم تخريجه ص : ٣٧٨ ، الحاشية : ١.
(٤) تقدم تخريجه ص : ٣٧٨ ، الحاشية : ١.