البغوي في معجمه عن حميد بن هلال أن عبادة بن قرط غزا فمكث في غزاته تلك ما شاء الله ، ثم رجع مع المسلمين منذ زمان فقصد نحو الأذان يريد الصلاة فإذا هو بالأزارقة ـ صنف من الخوارج ـ فلما رأوه قالوا : ما جاء بك يا عدو الله؟ قال : ما أنتم يا إخوتي؟ قالوا : أنت أخو الشيطان ، لنقتلنك ، قال : ما ترضون مني بما رضي به رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قالوا : وأي شيء رضي به منك؟ قال : أتيته وأنا كافر فشهدت أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله ، فخلى عني ـ قال ـ : فأخذوه فقتلوه.
وأما عدم فهمهم للقرآن فقد تقدم بيانه ، وقد جاء في القدرية حديث خرّجه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «القدرية مجوس هذه الأمة ، إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم» (١).
وعن حذيفة رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال : «لكل أمة مجوس ومجوس هذه الأمة الذين يقولون : لا قدر ، من مات منهم فلا تشهدوا جنازتهم ومن مرض منهم فلا تعودوه ، وهم شيعة الدجال ، وحق على الله أن يلحقهم بالدجال» (٢) ، هذا الحديث غير صحيح عند أهل النقل ، قال صاحب المغني : لم يصح في ذلك شيء ، نعم قول ابن عمر ليحيى بن يعمر حين أخبره أن القول بالقدر قد ظهر : إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وهم برآء مني ، ثم استدل بحديث جبريل ـ صحيح لا إشكال في صحته.
وخرّج أبو داود أيضا من حديث عمر رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم» (٣) ولم يصح أيضا.
وخرّج ابن وهب عن زيد بن علي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «صنفان من أمتي لا سهم لهم في الإسلام يوم القيامة : المرجئة والقدرية» (٤) ، وعن معاذ بن جبل وغيره يرفعه قال :
__________________
(١) أخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : في القدر (الحديث : ٤٦٩١).
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : في القدر (الحديث : ٤٦٩٢). وأخرجه أحمد في المسند (٢ / ٨٦ ، ٥ / ٤٠٦ ، ٤٠٧).
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : في القدر (الحديث : ٤٧٢٠).
(٤) أخرجه الترمذي في كتاب : القدر ، باب : ما جاء في القدرية (الحديث : ٢١٥٠).