أن فرقا ثلاثا نجت من تلك الفرق المعدودة والباقية هلكت.
وخرّج ابن وهب من حديث علي رضي الله عنه أنه دعا رأس الجالوت وأسقف النصارى فقال : إني سائلكما عن أمر وأنا أعلم به منكما فلا تكتما ، يل رأس جالوت! أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى ، وأطعمكم المن والسلوى ، وضرب لكم في البحر طريقا يبسا ، وجعل لكم الحجر الطوري يخرج لكم منه اثنتي عشرة عينا لكل سبط من بني إسرائيل عين! إلا ما أخبرتني على كم افترقت اليهود من فرقة بعد موسى؟ فقال له : ولا فرقة واحدة ، فقال له عليّ : كذبت والذي لا إله إلا هو ، لقد افترقت على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة.
ثم دعا الأسقف ، فقال : أنشدك الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى ، وجعل على رجله البركة ، وأراكم العبرة ، فأبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى ، وصنع لكم من الطين طيورا وأنبأكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ، فقال : دون هذا الصدق يا أمير المؤمنين ، فقال له علي رضي الله عنه : كم افترقت النصارى بعد عيسى ابن مريم من فرقة؟ قال : لا! والله ولا فرقة ، فقال ثلاث مرات : كذبت والله الذي لا إله إلا الله ، لقد افترقت على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، فقال : أما أنت يا يهودي! فإن الله يقول : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (١) فهي التي تنجو ، وأما نحن فيقول الله فينا : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (٢) فهذه التي تنجو من هذه الأمة. ففي هذا أيضا دليل.
وخرّجه الآجري أيضا من طريق أنس بمعنى حديث علي رضي الله عنه : إن واحدة من فرق اليهود ومن فرق النصارى في الجنة.
__________________
ـ وتعالى ، وأخرجه في كتاب : الجهاد ، باب : اسم الفرس والحمار ، وأخرجه في كتاب : اللباس ، باب : حمل صاحب الدابة غيره بين يديه ، وأخرجه في كتاب : الاستئذان ، باب : من أجاب بلبيك وسعديك ، وأخرجه في كتاب : الرقاق ، باب : من جاهد نفسه ، وأخرجه في كتاب : العلم ، باب : من خص بالعلم قوما دون قوم (الحديث : ١٣ / ٣٠٠). وأخرجه مسلم في كتاب : الإيمان ، باب : الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا (الحديث : ٣٠). وأخرجه الترمذي في كتاب : الإيمان ، باب : ما جاء في افتراق هذه الأمة (الحديث : ٢٦٤٥).
(١) سورة : الأعراف ، الآية : ١٥٩.
(٢) سورة : الأعراف ، الآية : ١٨١.