وعن بعضهم قال : كنت أمشي مع عمرو بن عبيد فرآني ابن عون فأعرض عني. وقيل : دخل ابن عبيد دار ابن عون فسكت ابن عون لما رآه ، وسكت عمرو عنه فلم يسأله عن شيء ، فمكث هنيهة ثم قال ابن عون : بم استحل أن دخل داري بغير إذني؟ ـ مرارا يرددها ـ أما إنه لو تكلم.
وعن مؤمل بن إسماعيل قال : قال بعض أصحابنا لحماد بن زيد : ما لك لم ترو عن عبد الكريم إلا حديثا واحدا؟ قال : ما أتيته إلا مرة واحدة لمساقه في هذا الحديث ، وما أحب أن أيوب علم بإتياني إليه وأن لي كذا وكذا ، وإني لأظنه لو علم لكانت الفصيلة بيني وبينه.
وعن إبراهيم ، أنه قال لمحمد بن السائب : لا تقربنا ما دمت على رأيك هذا. وكان مرجئا.
وعن حماد بن زيد قال : لقيني سعيد بن جبير فقال : ألم أرك مع طلق؟ قلت : بلى! فما له؟ قال : لا تجالسه فإنه مرجئ.
وعن محمد بن واسع قال : رأيت صفوان بن محرز وقريب منه شيبة ، فرآهما يتجادلان ، فرأيته قائما ينفض ثيابه ويقول : إنما أنتم جرب.
وعن أيوب قال : دخل رجل على ابن سيرين فقال : يا أبا بكر! أقرأ عليك آية من كتاب الله لا أزيد أن أقرأها ثم أخرج؟ فوضع إصبعيه في أذنيه ثم قال : أعزم عليك إن كنت مسلما إلا خرجت من بيتي ـ قال ـ فقال : يا أبا بكر! لا أزيد على أن أقرأ (آية) ثم أخرج. فقام لإزاره يشده وتهيأ للقيام فأقبلنا على الرجل ، فقلنا : قد عزم عليك إلّا خرجت ، أفيحل لك أن تخرج رجلا من بيته؟ قال : فخرج ، فقلنا : يا أبا بكر! ما عليك لو قرأ آية ثم خرج؟ قال : إني والله لو طننت أن قلبي يثبت على ما هو عليه ما باليت أن يقرأ ، ولكن خفت أن يلقى في قلبي شيئا أجهد في إخراجه من قلبي فلا أستطيع.
وعن الأوزاعي قال : لا تكلموا صاحب بدعة من جدل فيورث قلوبكم من فتنته. فهذه آثار تنبهك على ما تقدمت إشارة الحديث إليه إن كان مقصودا والله أعلم.
تأثير كلام صاحب البدعة في القلوب معلوم. وثمّ معنى آخر قد يكون من فوائد تنبيه الحديث بمثال داء الكلب وهي :