فذكر في هذه خلق الأرض قبل خلق السماء ، وقال : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (١) (عَزِيزاً حَكِيماً) (٢) (سَمِيعاً بَصِيراً) (٣) فكأنه كان ثم مضى فقال ـ يعني : ابن عباس : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) (٤) في النفخة الأولى (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) (٥) فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون ، ثم في النفخة الأخرى أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.
وأما قوله : (ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٦) (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) (٧) فإن الله عزوجل يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم ، وقال المشركون تعالوا نقول : لم نكن مشركين ، فختم على أفواههم فتنطق أيديهم فعند ذلك عرفوا أن الله لا يكتم حديثا ، وعنده (يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) (٨).
وقوله عزوجل : (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) (٩) (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) (١٠) (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) (١١) آخرين ثم دحا الأرض ، ودحوها أن أخرج منها الماء والمرعى ، وخلق الجبال والجمال والآكام وما بينهما في يومين آخرين فذلك قوله : دحاها ، وقوله تعالى : (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) فخلقت الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام ، وخلقت السموات في يومين (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (١٢) سمى نفسه بذلك ، وذلك
__________________
(١) سورة : النساء ، الآية : ٩٦.
(٢) سورة : النساء ، الآية : ٥٦.
(٣) سورة : النساء ، الآية : ٥٨.
(٤) سورة : المؤمنون ، الآية : ١٠١.
(٥) سورة : الزمر ، الآية : ٦٨.
(٦) سورة : الأنعام ، الآية : ٢٣.
(٧) سورة : النساء ، الآية : ٤٢.
(٨) سورة : النساء ، الآية : ٤٢.
(٩) سورة : فصلت ، الآية : ٩.
(١٠) سورة : فصلت ، الآية : ١١.
(١١) سورة : فصلت ، الآية : ١٢.
(١٢) سورة : النساء ، الآية : ٩٦.