وفعلا وعزما وعقدا ونية ، لأن الله يقول : (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) (١). فقيل له : كيف الطريق إلى السنة؟ فقال : مجانبة البدع ، واتباع ما أجمع عليه الصدر الأول من علماء الإسلام ، والتباعد عن مجالس الكلام وأهله ، ولزوم طريقة الاقتداء وبذلك أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) (٢).
وقال أبو بكر الترمذي : لم يجد أحد تمام الهمة بأوصافها إلا أهل المحبة ، وإنما أخذوا ذلك باتباع السنة ومجانبة البدعة ، فإن محمدا صلىاللهعليهوسلم كان أعلى الخلق كلهم همة وأقربهم زلفى.
وقال أبو الحسن الوراق : لا يصل العبد إلى الله إلا بالله وبموافقة حبيبه صلىاللهعليهوسلم في شرائعه ، ومن جعل الطريق إلى الوصول في غير الاقتداء يضل من حيث أنه مهتد وقال :
الصدق استقامة الطريق في الدين واتباع السنّة في الشرع. وقال : علامة محبة الله متابعة حبيبه صلىاللهعليهوسلم.
ومثله عن إبراهيم القمار قال : علامة محبة الله إيثار طاعته ومتابعة نبيه.
وقال أبو محمد بن عبد الوهاب الثقفي : لا يقبل الله من الأعمال إلا ما كان صوابا ، ومن صوابها إلا ما كان خالصا ، ومن خالصها إلا ما وافق السنة.
وإبراهيم بن شيبان القرميسيني صحب أبا عبد الله المغربي وإبراهيم الخواص ، وكان شديدا على أهل البدع متمسكا بالكتاب والسنّة ، لازما لطريق المشايخ والأئمة ، حتى قال فيه عبد الله بن منازل : إبراهيم بن شيبان حجة الله على الفقراء وأهل الآداب والمعاملات.
وقال أبو بكر بن سعدان وهو من أصحاب الجنيد وغيره : الاعتصام بالله هو الامتناع من الغفلة والمعاصي والبدع والضلالات.
وقال أبو عمر الزجاجي وهو من أصحاب الجنيد والثوري وغيرهما : كان الناس في الجاهلية يتبعون ما تستحسنه عقولهم وطبائعهم ، فجاء النبي صلىاللهعليهوسلم فردهم إلى الشريعة والاتباع ، فالعقل الصحيح الذي يستحسن ما يستحسنه الشرع ويستقبح ما يستقبحه.
__________________
(١) سورة : النور ، الآية : ٥٤.
(٢) سورة : النحل ، الآية : ١٢٣.