وقال أبو عمرو بن نجيد : كل حال لا يكون عن نتيجة علم فإن ضرره على صاحبه أكثر من نفعه.
وقال بندار بن الحسين : صحبة أهل البدع تورث الإعراض عن الحق.
وقال أبو بكر الطمستاني : الطريق واضح ، والكتاب والسنّة قائم بين أظهرنا ، وفضل الصحابة معلوم لسبقهم إلى الهجرة ولصحبتهم ، فمن صحب منا الكتاب والسنّة ، وتغرب عن نفسه والخلق ، وهاجر بقلبه إلى الله ، فهو الصادق المصيب.
وقال أبو القاسم النصرآباذي : أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنّة ـ وترك البدع والأهواء ، وتعظيم حرمات المشايخ ، ورؤية أعذار الخلق ، والمداومة على الأوراد ، وترك ارتكاب الرخص والتأويلات.
وكلامهم في هذا الباب يطول ، وقد نقلنا عن جملة ممن اشتهر منهم ينيف على الأربعين شيخا ، جميعهم يشير أو يصرح بأن الابتداع ضلال ـ والسلوك عليه تيه ، واستعماله رمي في عماية ، وأنه مناف لطلب النجاة ، وصاحبه غير محفوظ ، وموكول إلى نفسه ، ومطرود عن نيل الحكمة ، وأن الصوفية الذين نسبت إليهم الطريقة مجمعون على تعظيم الشريعة ، مقيمون على متابعة السنّة ، غير مخلين بشيء من آدابها ، أبعد الناس عن البدع وأهلها ، ولذلك لا نجد منهم من ينسب إلى فرق من الفرق الضالة ، ولا من يميل إلى خلاف السنة ، وأكثر من ذكر منهم علماء وفقهاء ومحدّثون وممن يؤخذ عنه الدين أصولا وفروعا ومن لم يكن كذلك ، فلا بدّ له من أن يكون فقيها في دينه بمقدار كفايته.
وهم كانوا أهل الحقائق والمواجد والأذواق والأحوال والأسرار التوحيدية ، فهم الحجة لنا على كل ما ينتسب إلى طريقهم ولا يجري على منهاجهم ، بل يأتي ببدع محدثات ، وأهواء متبعات ، وينسبها إليهم ، تأويلا عليهم. من قول محتمل ، أو فعل من قضايا الأحوال ، أو استمساكا بمصلحة شهد الشرع بإلغائها ، أو ما أشبه ذلك. فكثيرا ما ترى المتأخرين ممن يتشبه بهم ، يرتكب من الأعمال ما أجمع الناس على فساده شرعا ، ويحتج بحكايات هي قضايا الأحوال ، إن صحت لم يكن فيها حجة ، لوجوه عدة ، ويترك من كلامهم وأحوالهم ما هو واضح في الحق الصريح ، والاتباع الصحيح ، شأن من اتبع من الأدلة الشرعية ما تشابه بها.