فمن جهل ذلك وقال فيما سئل عنه بغير علم ، وقاس برأيه ما خرج منه عن السنة ، فهذا الذي قاس برأيه فضلّ وأضلّ ، ومن رد الفروع في علمه إلى أصولها فلم يقل برأيه.
وخرّج ابن المبارك حديثا : إن من أشراط الساعة ثلاثا ، وإحداهن : أن يلتمس العلم عند الأصاغر ، قيل لابن المبارك : من الأصاغر؟ قال : الذين يقولون برأيهم ، فأما صغير يروي عن كبير ، فليس بصغير.
وخرّج ابن وهب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : أصبح أهل الرأي أعداء السنن ، أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلتت منهم. قال سحنون : يعني البدع.
وفي رواية : إياكم وأصحاب الرأي ، فإنهم أعداء السنن ، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي ، فضلّوا وأضلّوا.
وفي رواية لابن وهب : أن أصحاب الرأي أعداء السنّة ، أعيتهم أن يحفظوها ، وتفلتت منهم أن يعوها ، واستحيوا حين يسألوا أن يقولوا : لا نعلم ، فعارضوا السنن برأيهم ، فإياكم وإياهم.
قال أبو بكر بن أبي داود : أهل الرأي هم أهل البدع.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : من أحدث رأيا ليس في كتاب الله ، ولم تمض به سنة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لم يدر ما هو عليه إذا لقي الله عزوجل.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه : قراؤكم يذهبون ويتخذ الناس رؤساء جهالا يقيسون الأمور برأيهم.
وخرّج ابن وهب وغيره عن عمر بن الخطاب أنه قال : السنّة ما سنه الله ورسوله ، لا تجعلوا حظ الرأي سنة للأمة.
وخرّج أيضا عن هشام بن عروة عن أبيه قال : لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيما حتى أدرك فيهم المولدون أبناء سبايا الأمم ، فأخذوا فيهم بالرأي فأضلوا بني إسرائيل.
وعن الشعبي : إنما هلكتم حين تركتم الآثار وأخذتم بالمقاييس.
وعن الحسن : إنما هلك من كان قبلكم حين شعبت بهم السبل ، وحادوا عن الطريق فتركوا الآثار ، وقالوا في الدين برأيهم ، فضلّوا وأضلّوا.