وهو بين أيضا من جهة أنه لا يقبل منه صرف ولا عدل كما تقدم ، فكل عمل يعمله على البدعة فكما لو لم يعلمه ويزيد على تارك العمل بالعناد الذي تضمنه ابتداعه ، والفساد الداخل على الناس به في أصل الشريعة ، وفي فروع الأعمال والاعتقادات وهو يظن مع ذلك أن بدعته تقرّبه من الله وتوصله إلى الجنة.
وقد ثبت بالنقل الصحيح الصريح بأنه لا يقربه إلى الله إلا العمل بما شرع ، وعلى الوجه الذي شرع ـ وهو تاركه ، وأن البدع تحبط الأعمال ـ وهو ينتحلها.
وأما أن البدع مظنة إلقاء العداوة والبغضاء بين أهل الإسلام ، فلأنها تقتضي التفرق شيعا.
وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم حسبما تقدم في قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) (١)
وقوله : (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (٢).
وقوله : (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ* مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (٣).
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) (٤) ، وما أشبه ذلك من الآيات في هذا المعنى.
__________________
(١) سورة : آل عمران ، الآية : ١٠٥.
(٢) سورة : الأنعام ، الآية : ١٥٣.
(٣) سورة : الروم ، الآيتان : ٣١ ـ ٣٢.
(٤) سورة : الأنعام ، الآية : ١٥٩.