وقد بيّن عليه الصلاة والسلام أن فسد ذات البين هي الحالقة وأنها تحلق الدين ، هذه الشواهد تدل على وقوع الافتراق والعداوة عند وقوع الابتداع.
وأول شاهد عليه في الواقع قصة الخوارج إذ عادوا أهل الإسلام حتى صاروا يقتلونهم ويدعون الكفار كما أخبر عنه الحديث الصحيح : ثم يليهم كل من كان له صولة منهم بقرب الملوك فإنهم تناولوا أهل السنة بكل نكال وعذاب وقتل أيضا ، حسبما بينه جميع أهل الأخبار.
ثم يليهم كل من ابتدع بدعة فإن من شأنهم أن يثبطوا الناس عن اتباع الشريعة ويذمونهم ويزعمون أنهم الأرجاس الأنجاس المكبّين على الدنيا ويضعون عليهم شواهد الآيات في ذم الدنيا وذم المكبّين عليها ، كما يروى عن عمرو بن عبيد أنه قال : لو شهد عندي عليّ وعثمان وطلحة والزبير على شراك نعل ما أجزت شهادتهم.
وعن معاذ بن معاذ قال : قلت لعمرو بن عبيد : كيف حدث الحسن عن عثمان أنه ورث امرأة عبد الرحمن بعد انقضاء عدتها؟ فقال : إن فعل عثمان لم يكن سنّة.
وقيل له : كيف حدث الحسن عن سمرة في السكتتين؟ فقال : ما تصنع بسمرة! قبح الله سمرة اه. بل قبح الله عمرو بن عبيد ، وسئل يوما عن شيء فأجاب فيه.
قال الراوي : قلت ليس هكذا يقول أصحابنا. قال : ومن أصحابك لا أبا لك؟ قلت : أيوب ، ويونس ، وابن عون ، والتيمي. قال : أولئك أنجاس أرجاس ، أموات غير أحياء.
فهكذا أهل الضلال يسبون السلف الصالح لعل بضاعتهم تنفق ، (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) (١).
وأصل هذا الفساد من قبل الخوارج فهم أول من لعن السلف الصالح ، وكفر الصحابة رضي الله عن الصحابة ، ومثل هذا كله يورث العداوة والبغضاء.
وأيضا فإن فرقة النجاة وهم أهل السنّة مأمورون بعداوة أهل البدع والتشريد بهم والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم بالقتل فما دونه ، وقد حذّر العلماء من مصاحبتهم
__________________
(١) سورة : التوبة ، الآية : ٣٢.