للدين الإلهي ويعيّن من قبل الله تعالى وهو من يسمّى ب «الإمام» كما يدعى حامل الوحي الإلهي ب «النبي» وهو من قبل الله تعالى أيضا.
«ومن هنا نصل إلى نتيجة أن ليس هناك ضرورة أن يكون نبي بين الناس بصورة مستمرة ، لكن يستلزم أن يكون إمام بينهم ، ويستحيل على مجتمع بشري أن يخلو من وجود إمام سواء عرفوه أم لم يعرفوه. وهناك أدوار من الزمن خلت من وجود الأنبياء إلّا أن هناك إمام حق في كل حصر» (١)
فمن خلال وضوح الفرق بين النبي والإمام يندفع وجه الإشكال ، إذ إن الشيعة لا يقولون بوجود نبي بعد محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنما هناك أئمة معصومون هم نفس النبي ويحملون صفاته وخصائصه إلّا ما استثناه الدليل ، وبلوغ مطلق إنسان إلى مراتب الكمال ليس منحصرا بالأنبياء وحدهم ، كما اعتقد العامة أنه ليس بمقدور غير الأنبياء أن يفوا بوظائف الرسالة بعد رحيل نبيّنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهذا اعتقاد باطل ، قامت الضرورة على خلافه ، وآيات الكتاب تناهضه ، حيث إنّ هناك جماعات ليسوا بأنبياء بلغوا القمة في الكمال أمثال الخضر عليهالسلام حيث نال مرتبة العلم اللدني بحيث أمر الله تعالى أحد أنبيائه العظام موسى بن عمران أن يقتبس منه علما.
وكذا فإن آصف بن برخيا جليس النبي سليمان عليهالسلام ، جاء بعرش بلقيس بأقل من طرفة عين ، فهذان العبدان «الخضر وآصف» لم يكونا نبيين بل وليين صالحين ، من هنا يتبيّن أن هناك رجالا صالحين ، يحملون علوم النبوة ويحتضنونها بفضل من الله سبحانه ، لغاية قدسية هي إبلاغ الأمّة غايتها من الكمال ، وإيصاد الثغرات الهائلة التي تخلّفها رحلة النبي.
ثالثا :
إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد استوفى مهمته التشريعية كاملة لقوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (المائدة / ٤).
فما الداعي لأن يقول الشيعة أنّ الإمامة مكمّلة للنبوة حتى تكون أصلا ، فبما أنّ الدين كامل لا بدّ أن تكون فرعا.
__________________
(١) الشيعة في الإسلام : ص ١٦٢ للطباطبائي (قدسسره).