وقد روى أحمد بن حنبل عن مسروق قال :
كنّا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرؤنا القرآن ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ قال عبد الله : نعم ولقد سألنا رسول الله فقال : اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل (١).
فالحديث دالّ على انحصار الخلافة في اثني عشر وأنهم خلفاء بالنص لقولهصلىاللهعليهوآلهوسلم : «كعدّة نقباء بني إسرائيل» فإن نقباءهم خلفاء بالنص لقوله تعالى : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) وسؤال الصحابة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما كان عن خلفائه بالنص وليس سؤالا عن تأمير الناس ولا تغلب السلاطين على الأمة الإسلامية لأنّ تأمير الناس وتغلّب السلاطين لا يبتني عادة على الدين حتى يهمّ الصحابة السؤال عنه ، ولأنّ السلاطين يتربعون على السلطة بدون نصّ فلا يحتاج إلى السؤال عنهم وعن عددهم لأنّ العادة جرت على وجود مثلهم وأنهم لا ينحصرون بعدد ، فظهر أن السؤال إنما هو عن الخلفاء بالنص وعنهم أجاب النبي ، ولا قائل بأنّ الخلفاء اثنا عشر بالنص غير أئمتنا عليهمالسلام فيكونون هم المراد بالاثنى عشر في هذا الحديث.
وكالروايات التي هي فوق التواتر الدالّة على وجود الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف والتي دلّت على أنه ابن الإمام الحسن العسكري عليهالسلام وأنه عجّل الله تعالى فرجه يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ؛ وهكذا زادت الروايات بيانا من جهة الأسماء والصفات وسائر الخصوصيات حتى لا يبقى مجال للترديد والتشكيك فكل واحد من الأئمة الاثنا عشر ، منصوص من قبل الإمام السابق ، حتى ينتهي إلى تنصيص الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتنصيصه ينتهي إلى تنصيص الله سبحانه وتعالى.
قال العلّامة الحلّي (قدسسره) عند تبيين إمامة الأئمة الاثني عشر مستدلا على ذلك بوجوه ثلاثة :
الوجه الأول :
النقل المتواتر من الشيعة خلفا عن سلف ، يدلّ على إمامة كل واحد من هؤلاء بالتنصيص ، وقد نقل المخالفون ذلك من طرق متعددة تارة على الإجمال ،
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل : ج ١ ص ٣٩٨.